تشير أحدث الدراسات إلى أن إعادة تشغيل مطار رينيه معوض تتطلب استثمارًا يتراوح بين 90 إلى 100 مليون دولار، وهو مبلغ ضئيل مقارنة بالعوائد والفوائد المحتملة. يتمتع المطار بمدرج جاهز، رغم الحاجة إلى بعض أعمال الترميم في المباني والغرف، بالإضافة إلى تجهيزات تقنية خاصة بقطاع الطيران. من المتوقع أن يكون المطار جاهزًا للاستخدام خلال عام، مما قد يسهم في تحقيق نقلة نوعية في الاستثمارات الخاصة في لبنان.
لا يتوجب على الدولة تحمل أعباء مالية لإعادة تشغيل مطار رينيه معوض، إذ يمكن للقطاع الخاص، ولا سيما الشركات العالمية، الاستثمار في هذا المشروع. في المقابل، تستطيع الدولة الاستفادة من عائدات الضرائب والرسوم المفروضة على حركة الطيران، النقل، والركاب، إلى جانب النشاطات الاقتصادية المرتبطة بالمطار. ومن شأن هذه العوائد أن ترفد خزينة الدولة وتساهم في خلق فرص عمل في شمال لبنان، مما يعزز النشاط الاقتصادي ويربط لبنان مجددًا بالخريطة العالمية، بعد أن تأثرت علاقاته التجارية بسبب العوامل الجيوسياسية.
يكتسب مطار رينيه معوض أهمية استراتيجية كونه يسهم في تصدير المنتجات الزراعية من سهل عكار إلى الدول العربية، ما يستدعي إرادة سياسية واضحة لتجاوز العقبات الأمنية والسياسية التي تحول دون تشغيله. ورغم أهمية المطار، يبرز تحدٍّ تقني يتمثل في محدودية المساحة المتاحة حاليًا، حيث تضع الدولة يدها مجانًا على 2.5 مليون متر مربع، لكن استملاك المزيد من الأراضي يمثل تحديًا ماليًا كبيرًا.
يمكن حل هذه الإشكالية عبر شراكة مع القطاع الخاص، إذ يمكن الاتفاق على استثمار طويل الأمد مقابل تعويضات لأصحاب الأراضي. كما أن فتح المجال أمام القطاع الخاص للاستثمار بشفافية تامة، ومن خلال عقود واضحة ودفاتر شروط غير موجهة لشركات بعينها، يضمن تنفيذ المشروع بشكل عادل وفعال، بعيدًا عن الممارسات التي سادت في الصفقات السابقة.
لا تقتصر أهمية مطار رينيه معوض على شمال لبنان فقط، بل تمتد لتشمل البلاد ككل، خاصة في ظل الاعتماد العالمي على المطارات وحركة الطيران، بما في ذلك الطيران منخفض التكلفة. كما أن قربه من سوريا يجعله عنصرًا محوريًا في إعادة إعمار البلاد، إذ يمكن أن يسهم في تسهيل نقل الركاب والبضائع إلى الداخل السوري، ما يعزز ازدهار منطقة الشمال، يخلق فرص عمل جديدة، ويساهم في تنمية المنطقة بشكل مستدام.