هل يهدد النزوح المعاكس للسوريين إقتصاد لبنان؟

النزوح

تراجع الحديث عن أزمة النزوح السوري في لبنان مع بدء النزوح المعاكس من لبنان إلى سوريا، والذي حصل على محطتين، الأولى خلال العدوان الإسرائيلي والثانية بعد سقوط نظام بشار الاسد وتسجيل عودة ألآف السوريين إلى وطنهم.

ولكن عودة النازحين السوريين، تطرح أكثر من انعكاس على الواقع الإقتصادي المحلي، وهو ما ازداد الحديث عنه خلال الأسبوعين الماضيين، حيث يعتبر مدير المعهد اللبناني لدراسات السوق الدكتور باتريك مارديني أنه إذا حصلت هذه العودة في وقتٍ قريب وبنسبة كبيرة، سيؤدي هذا الأمر إلى نتيجتين مباشرتين، الأولى تراجع الأزمات المتصلة بالضغوط على الخدمات، والثانية بروز مشكلة اليد العاملة في لبنان وبالتالي ارتفاع أسعار السلع والخدمات.

ورداً على سؤال ل”ليبانون ديبايت”، يأسف الدكتور مارديني، لأن طرح النزوح السوري، كان يتمّ دائماً من زاوية سياسية وشعبوية، ولم تبادر أي جهة لبنانية سياسية وحزبية إلى طرح ملف النزوح السوري من زاوية إقتصادية، وبالتالي، أتت المقاربات كلها لتركز على الناحية السلبية لهذا النزوح.

وفي هذا السياق، يتحدث مارديني، عن أن الطرح اللبناني للنزوح، يجب أن يأتي من زاوية موضوعية وعلمية وإقتصادية في الوقت نفسه، حيث أنه من الصحيح أن النازحين السوريين وعلى مدى أكثر من عشرة أعوام، قد شكلوا ضغطاً على مجمل الواقع المتعلق بالبنية التحتية في لبنان، كالكهرباء والمياه وغيرها، وكان في ذلك انعكاس سلبي لهذه الأزمة، ولكن الإنعكاسات الإيجابية لم تغب عن ظاهرة النزوح.

وهنا، يقول مارديني، إن النازحين السوريين في لبنان قد أمّنوا يداً عاملة منخفضة الكلفة للعديد من الشركات اللبنانية، خصوصاً بعد الأزمة المالية، حيث أن شركات عدة تمكنت من الصمود ولم تقفل أبوابها أولاً بسبب استعانتها بالعمال السوريين الذين يوافقون على العمل برواتب متدنية خلافاً للبنانيين، إضافةً إلى أن اليد العاملة السورية، ملأت الفراغ في الوظائف التي يقاطعها العمال اللبنانيون.

كذلك يلفت مارديني إلى أن الكلفة المنخفضة لليد العاملة السورية ساهمت في الحفاظ على استقرار أسعار السلع المنتجة محلياً وعدم ارتفاعها وبالتالي، تحريك وصمود الإقتصاد المحلي.

ويُضاف إلى هذه التأثيرات الإيجابية، مبادرة العديد من السوريين إلى الإستثمار في مؤسسات تجارية وسياحية في لبنان، ما ساهم في تحريك الوضع الإقتصادي وتأمين سلع جديدة للبنانيين.

وعليه، يخلص مارديني إلى أنه من المبكر الحديث اليوم عن تأثير عودة النازحين السوريين، لأن البنية التحتية في لبنان لن تتحسن ولو تراجع ضغط النزوح، ولكن لبنان سيواجه أزمةً على صعيد ارتفاع كلفة اليد العاملة أولاً، وتوقف بعض الشركات والمؤسسات الصغيرة عن العمل ثانياً وارتفاع أسعار الصناعات المحلية ثالثاً بمعنى أن ارتفاع الكلفة سيؤدي إلى ارتفاع سعر المنتجات، وبالتالي فإن هذه النتائج لن تظهر سريعاً ومع الوقت سيظهر ما إذا كانت عودة النازحين ستنعكس سلباً أو إيجاباً على الإقتصاد اللبناني.

اضغط هنا لقراءة المقال على موقع ليبانون ديبايت