في لبنان، وبعد بداية الحرب الإسرائيلية في 8 تشرين الأول 2023، وضعت الحكومة خطة طوارئ، لكنها ظلت خامدة طوال عام كامل بسبب سوء التقديرات الأولية، إذ بُنيت الخطة على سيناريو مشابه لحرب تموز 2006 الذي توقع نزوح مليون شخص، وهو ما لم يحدث. لم يتم تمويل خطة الطوارئ كما يجب، إذ اقتصرت الموازنة على تخصيص 620 مليار ليرة لتغطية احتياجات مثل الصحة والتعليم والقوى الأمنية، لكن دون تنفيذ فعلي للخطة. اعتمدت الحكومة على طلب مساعدات خارجية بقيمة 426 مليون دولار بالتعاون مع منظمات دولية، وأقر مؤتمر باريس مليار دولار لدعم لبنان، منها 800 مليون دولار خُصصت للنزوح. مع ذلك، ظهرت شكوك حول كيفية إدارة هذه المساعدات، وهل ستُمنح للدولة أم ستُقتصر على مساعدات عينية كالدواء والغذاء.
في ظل هذه الأزمة، يبقى الدين العام أحد أكبر العوائق أمام التعافي الاقتصادي، حيث يتجاوز الدين العام اليوم 100 مليار دولار، وهو رقم يعادل أكثر من 450% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يضع لبنان في المرتبة الأولى عالميًا من حيث نسبة الدين إلى الناتج. تواجه الدولة صعوبة في تسديد هذا الدين بسبب التراجع الحاد في الإيرادات، حيث تُقدر موازنة 2025 إيرادات بقيمة 4.6 مليار دولار فقط، وهي غير قابلة للتحقيق في ظل انهيار الأنشطة الاقتصادية بنسبة تصل إلى 80%. تُظهر القطاعات المستنزفة مثل الطاقة والقطاع العام حجم العبء الذي يفاقم الدين العام.
لا تزال الدولة عاجزة عن تقديم حلول حقيقية للحد من الدين العام، ما يضعها في حالة اعتماد شبه كامل على المساعدات الخارجية. ومع ذلك، تبقى هذه المساعدات ضئيلة مقارنة بحجم الخسائر التي يُقدرها البعض بأكثر من 20 مليار دولار. يُفاقم الوضع عدم وجود إصلاحات جذرية أو سياسات واضحة لتشجيع الاستثمارات وخفض الضرائب بدلًا من زيادتها. يتطلب التعافي إعادة هيكلة شاملة للقطاعات الأساسية، وخطة مستدامة لتخفيض الدين العام عبر إصلاحات مالية واقتصادية عميقة. بدون ذلك، سيظل لبنان غارقًا في دوامة الأزمات، محاصرًا بين الحرب والأزمة الاقتصادية، والدين العام الذي يشل أي فرصة للنهوض.