مرافق لبنان الأساسية في خطر بسبب انقطاع الكهرباء

الكهرباء

مشهد الظلام لم يعد غريباً على لبنان بفعل الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي. وبلغ المواطن اللبناني حداً من اليأس، إذ إن مطلب الكهرباء 24 ساعة يومياً لم يعد غاية في حد ذاتها، إذ تكفيه ساعات قليلة في اليوم من أجل تأمين الحد الأدنى من المتطلبات الضرورية.

لكن ما فجر هذه الأزمة في الأيام الماضية البيان الذي خرجت به مؤسسة كهرباء لبنان معلنة خروج آخر مجموعة إنتاجية متبقية على الشبكة الكهربائية عن الخدمة بشكل كامل وبالتالي توقف التغذية بالتيار الكهربائي كلياً على جميع الأراضي اللبنانية.

الكهرباء إلى التحقيق

حازت الأزمة الراهنة على اهتمام إعلامي محلي وإقليمي، ثم قام رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بتوجيه كتاب رسمي للنيابة العامة التمييزية لإجراء التحقيقات اللازمة وملاحقة المسؤولين عن الأزمة. وحضر إلى قصر العدل ببيروت في الـ21 من أغسطس (آب) الجاري وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض والمدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك من أجل الاستماع إلى أقوالهم أمام مدعي عام التمييز جمال الحجار حول وصول البلاد إلى مرحلة العتمة التامة.

ولم تمر خطوة ميقاتي مرور الكرام، إذ عبر الوزير فياض عن امتعاضه من الإجراء الذي اتخذه رئيس الحكومة، قائلاً “لم أكن أنتظر هذا الظلم”، مشيراً إلى أن سبب العتمة الشاملة عدم تنويع مصادر الطاقة، و”الحصار الخارجي المفروض علينا”، وهو ما يتجلى في توقف الغاز المصري والكهرباء من الأردن جراء “قانون قيصر”، بحسب فياض. ووعد فياض بعودة التيار الكهربائي خلال الأسبوع المقبل نتيجة وصول شحنة “سبوت كارغو” لتأمين نحو ست ساعات كهرباء في بيروت، وأربع ساعات في مناطق أخرى، بانتظار وصول الفيول العراقي خلال سبتمبر (أيلول) المقبل.

وفي سياق متصل برزت المبادرة الجزائرية، إذ أعلن الرئيس الجزائري عبدالرحمن تبون عن منح لبنان كميات من الفيول أويل (قرابة 30 ألف طن) على سبيل الهبة.

لكن وحتى اليوم، لم تؤدي الاقتراحات والخطوات المتخذة، على تنوعها، إلى حل مشكلة الكهرباء، ولم تتمكن مؤسسة كهرباء لبنان من توفير الطاقة رغم دولرة فاتورة الكهرباء ورفع الأسعار، وبقيت الطاقة الكهربائية تأتي إلى منازل اللبنانيين لأربع أو ست ساعات كحد أقصى.

معاناة أصحاب المصالح

صحيح أن انقطاع الكهرباء في لبنان يشمل كل المدن والمناطق، لكن تداعيات الأزمة أرخت بثقلها على الفقراء ومحدودي الدخل، فهؤلاء يعتمدون بصورة كبيرة على كهرباء “الدولة” كما يطلق عليها في لبنان، للقيام ببعض الأشغال، وبعضهم لا خيار ثاني له، كالاشتراك في المولد الكهربائي الخاص أو تركيب إمدادات الطاقة الشمسية.

في جولة ميدانية داخل أحياء طرابلس شمال لبنان، التي تعرف بـ “أم الفقير”، رصدت “اندبندنت عربية” تأثير انقطاع الكهرباء على المواطن العادي.

تدّخر السيدة هناء الأموال من أجل دفع فاتورة المولد الكهربائي، التي باتت كما تصفها “خيالية”. وفي شارع آخر، يقول أحد أصحاب الدكاكين “توقفت منذ العام الماضي عن بيع المثلجات والعصير البارد، لأن كلفة تأمين فاتورة البراد أعلى بكثير من قدرتنا على التحمل”.

المرافق العامة ليست بخير

ويتسع نطاق المعاناة ليشمل المرافق العامة، ويأسف المتخصص لدى المعهد اللبناني لدراسات السوق غسان بيضون لأن “المواطن العادي تعايش مع الحرمان من الطاقة، والبعض انتقل إلى الطاقة الشمسية. وتبقى المرافق العامة الأكثر تأثراً، ولا سيما المطار والمرفأ، إضافة إلى القطاع الصحي والاتصالات ومصالح المياه والمطاحن”، و”تكمن خطورة انقطاع التيار الكهربائي عن المرافق العامة في أن آثارها عامة وتؤدي إلى انقطاع لبنان عن العالم”، مشدداً على أن “المولدات تبقى لحالة الطوارئ لتعويض النقص عن التغذية، ولا يمكنها العمل المتواصل”.

السجون ليست في أفضل حالاتها راهناً، على رغم أنها تعد من الأماكن الحساسة، وفي هذا الإطار يتحدث أهالي السجناء عن “أوضاع مأساوية يعيشها المسجونون أثناء فصل الصيف بسبب الاكتظاظ، وعدم استدامة التيار الكهربائي داخل الغرف”. وباعتبار أن تأمين الحل من المؤسسات المعنية، أي شركات كهرباء لبنان ووزارة الطاقة غير متوفر حالياً، تمت إنارة بعض السجون إما عبر مولدات خاصة أو أنظمة الطاقة الشمسة، من خلال منح خارجية أو داخلية.

اضغط هنا لقراءة المقال على موقع the Independent