على الرغم من أن المخاوف من توسع المواجهات الدائرة في الجنوب باتجاه المواجهة الشاملة بعد استهداف مجدل شمس في الجولان، تتصدر المشهد اليوم وتتقدم هموم اللبنانيين المتكدّسة يوماً بعد يوم بظل الفريق الحاكم المتحكم المتسلّط، غير أن الهمّ الاقتصادي والمعيشي لا يغيب لحظة عن حياتهم. ولعلّ تقرير وكالة “بلومبيرغ” الأخير حول نسب النمو المتوقعة في لبنان للأعوام 2024 و2025 و2026، ستزيد همّ اللبنانيين هموماً مضاعفة أكثر، بصعوبة الخروج من الأزمة الاقتصادية في المدى القريب المنظور، ذلك أن نسب النمو المتوقعة للبنان بحسب تقرير “بلومبيرغ” غير مبشّرة.
التقرير الأخير لوكالة “بلومبيرغ” حول المؤشرات الاقتصادية الإقليمية والذي تطرق إلى المعطيات والمؤشرات الاقتصادية في 4 دول هي: لبنان، الأردن، المغرب، تونس، توقَّع أن يحقق لبنان نسبة نمو في الناتج المحلي الإجمالي الفعلي تبلغ 0.2% للعام 2024، فيما أتت توقعات “بلومبيرغ” حول العام 2025 بأن تكون نسبة النمو 2.3%، وأن تصل إلى 4% في العام 2026. لكن معدلات النمو المتوقعة للبنان بحسب تقرير “بلومبيرغ”، تبقى دون المأمول وتعني أن الأزمة طويلة، وفق الكثير من الخبراء الاقتصاديين والماليين.
رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق باتريك مارديني، يشدد عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، على أن “مستوى النمو الحالي لا يمكن أن يعيدنا إلى وضعنا السابق والتعافي الاقتصادي في وقت قريب. علينا أن نكسب المزيد من نقاط النمو والعمل للعودة إلى نقاط النمو التي كانت تسجَّل قبل العام 2011 حين كان النمو السنوي ما بين 9 و10%”، مؤكداً أنه “بنمو حوالى 10% يمكن أن يسترد لبنان، خلال 7 سنوات، المستوى المعيشي الذي كان يتمتع به الشعب اللبناني قبل اندلاع الأزمة”.
مارديني يلفت، إلى أنه “لكي نتمكن من الوصول إلى مستوى نمو 10% علينا القيام بإصلاحات جدية، منها: توقيف احتكار الكهرباء وفتح الأبواب للمنافسة بين المستثمرين على أفضل خدمة لتأمين التيار الكهربائي، من أجل أن يصبح لدينا كهرباء في البلد لكي نتمكن من إنشاء صناعة وزراعة متطورة ومزدهرة وتحقيق النمو. توقيف احتكار “أوجيرو” لكي يكون لدينا إنترنت سريع وثابت بفعل التنافس بين مختلف الشركات التي تدخل إلى السوق بما يساهم في زيادة النمو. فتح القطاع المصرفي على المنافسة لعودة منح القروض المصرفية”.
يضيف: “هذه الإصلاحات وغيرها من الضروري أن تحصل اليوم قبل الغد، بل كان يجب أن تحصل بالأمس، وإلا فسننتظر 30 سنة، وربما أكثر، قبل أن يعود لبنان إلى المستوى المعيشي الذي كان عليه قبل اندلاع الأزمة الاقتصادية في تشرين الأول العام 2019”.
مارديني يعتبر، أن “ما نشهده اليوم من زيادة منسوب التهديدات والمخاوف من توسع المواجهات في الجنوب إلى حرب شاملة، يؤثر على الاقتصاد اللبناني بمجمله”، لافتاً إلى أننا “نلاحظ جميعاً التأثير على حركة الطيران، من وإلى لبنان، فالكثير من الرحلات إلى بيروت أُلغيت وغادر الكثير من المغتربين وغيرهم وقطعوا إجازاتهم، فضلاً عن تحذيرات السفارات لرعاياها لمغادرة لبنان أو عدم القدوم إليه. هذا الأمر ضرب الموسم السياحي”.
يضيف: “القطاع السياحي تأثّر كثيراً وتراجع إلى درجة كبيرة جداً تصل إلى أكثر من 30% مقارنة مع العام الماضي بفعل أحداث الجنوب، وسيتأثر أكثر بعد زيادة منسوب التهديدات. الأهم، أن الاقتصاد اللبناني بأكمله سيتوقف في حال أصبحنا تحت واقع الحرب الشاملة وليس فقط تراجع السياحة. فالناس ستختبئ وتجلس في بيوتها، لا صناعة، لا زراعة، لا شيء، بانتظار انتهاء الحرب. بالتالي، كيف ومن أين تؤمِّن الناس مداخيلها وحاجياتها لكي تعيش مع توقف الاقتصاد والتزام المنازل في هذه الحالة؟”.
مارديني يؤكد، أن “الاقتصاد اللبناني ليس بخير، ولا يغرّن أحداً ما شهدناه مع انطلاق الموسم السياحي من مظاهر الحفلات والسهرات والمهرجانات، فماذا يمكن أن يبقى منها مع التصعيد والتهديد الحاصلين بحرب شاملة، فيما التراجع لغاية الآن نحو 30% حتى من دون اندلاع حرب شاملة؟ علماً أن لبنان بات يعيش على انتظار الموسم السياحي وقدوم المغتربين وبعض السياح كل عام، إذ أصبحنا كالنمل الذي يعمل كل الصيف ليعيش من مؤونة ما جمعه خلال باقي الفصول. بالتالي، يجب ألا تغرّنا المظاهر، الوضع ليس جيداً”.
اضغط هنا لقراءة المقال على موقع القوات اللبنانية