من أهم التحديات التي تواجه الدولة السورية بعد انتهاء نظام الأسد وانطلاق النظام الجديد برئاسة الرئيس الانتقالي احمد الشرع هو التحدي الاقتصادي المنهار منذ سنوات طويلة والذي تفاقم مع بدء الثورة السورية مع ما رافقه من دمار كبير في المباني و البنى التحتية، فهل سيتمكن الاقتصاد السوري من استعادة عافيته و ما هو المطلوب لذلك؟
في هذا الإطار يقول الخبير الاقتصادي الدكتور باتريك مارديني في حديث لصوت بيروت إنترناشونال: “اليوم الدولة السورية بلد خارج من فترة صعبة جداً بعد الدمار الكبير الذي تعرضت له معظم الأراضي السورية و هو بحاجة إلى دعم و جهد كبير كي يستعيد عافيته اقتصادياً، لافتاً أن الحكومة السورية الجديدة مدركة لهذا الموضوع ووزير الخارجية السوري أكد على أن الهم الاقتصادي هو من أبرز التحديات التي تواجه سوريا في المستقبل”.
وأشار مارديني إلى أن الحكومة السورية الجديدة وضعت لنفسها هدفاً وهو الانتقال من الاقتصاد الموجه الذي تديره الدولة إلى الاقتصاد الحر أو اقتصاد السوق التنافسي، معتبراً ان هذا القرار قراراً مهماً و ضرورياً و هو يشكل حجر الزاوية لأي أمل بإعادة إنتعاش الإقتصاد السوري و إنتشاله من الوضع الحالي.
وإذ أكد مارديني أن هذه الخطوة صحيحة، رأى أنه إذا نجحت سوريا بالإنتقال إلى إقتصاد السوق فهذا الأمر مهم جداً للشعب السوري و للإقتصاد السوري.
ويشرح مارديني: بأن الإنتقال من الإقتصاد الموجه إلى إقتصاد السوق ليس أمراً سهلاً و تواجهه تحديات كثيرة إذ هناك إصلاحات هيكلية يجب أن تنفذ في الإقتصاد السوري و أبرز هذه التحديات:
١-ترشيد حجم القطاع العام المتضخم بشكل كبير أكثر من لبنان كما هناك بطالة مقنعة منتشرة و معظم الذين يعملون في القطاع العام ليس لديهم أي إنتاجية بل بالعكس لديهم إنتاجية سلبية أي يعرقلون العجلة الاقتصادية بدل تسهيلها، مشدداً على ضرورة إعادتهم إلى الإنتاج من أجل إنماء الإقتصاد معنبراً ” أن تصغير حجم القطاع العام أمر ضروري جداً وهو بدأ فعلياً لكن هذا الأمر يجب أن يترافق مع خلق فرص عمل في القطاع الخاص ”
٢-وتحدث مارديني عن الشق الثاني الذي له علاقة بالسياسة المالية حيث أن النظام الضريبي في سوريا معقد جداً وهناك الكثير من الثغرات و المشاكل، مشدداً على ضرورة التخلص من هذا النظام الضريبي القديم و الانتقال إلى نظام ضريبي سهل و بسيط جداً و تنافسي، ” فلا يمكن لسوريا أن تضع ضرائب أعلى من الدول المجاورة لأن المستثمرين سيمتنعون عن الاستثمار في سوريا و يتجهون إلى الدول التي تفرض ضرائب أقل”.
٣- في الشق النقدي يشدد مارديني على ضرورة تحول سوريا إلى بلد يوجد فيه حرية تحرك رؤوس الأموال بحيث يتمكن اي شخص بسهولة من ان يُدخِل او يُخرِج أموالاً إلى ومن سوريا و يحول أمواله من الليرة ألى الدولار و بالعكس من دون أي عوائق، مشيراً أنه في الماضي كان هناك نوع من القمع للتحويلات المالية، “لكن حالياً هذا القمع انتهى و اصبح هناك حرية في التحاويل يجب المحافظة عليه لأنه إذا أرادت سوريا بناء البلد فهي بحاجة لدخول رؤوس أموال”.
وبالتوازي مع حرية حركة رؤوس الأموال شدد مارديني على ضرورة الاستقرار النقدي أي يجب ان يتم معالجة أزمة التضخم و انهيار الليرة السورية التي تحسنت في الشهرين الأخيرين و يجب المحافظة على استقرارها الذي يكون من خلال ضبط كميات النقد في التداول و تطبيق الإصلاحات في القطاع العام.
٤-تحدث مارديني عن موضوع مهم جداً في سوريا و هو موضوع المؤسسات العامة و إعادة الإعمار، لافتاً أنه تاريخياً هناك الكثير من الشركات في سوريا تابعة للقطاع العام وهي لا تملك الكفاءة و الجودة ويجب التخلص من كل هذه الشركات وبالتوازي يجب تفكيك الاحتكارات التي كانت موجودة كقطاع الكهرباء و الاتصالات و السماح لدخول مستثمرين جدد من أجل إعادة البنية التحتية التي تساهم في نمو الاقتصاد السوري.
وفي موضوع التجارة الدولية قال مارديني سوريا كانت تعيش في عزلة دولية بسبب السياسات المتبعة والانفتاح الذي حصل في الشهرين الأخيرين أدى إلى تخفيض أسعار السلع في سوريا نتيجة دخول بضائع من دول الجوار أقل سعراً، لافتاً أن التجارة الدولية تؤمن للمستهلك السوري سلعاً أرخص و تؤمن للمنتج السوري أسواقاً خارجية تبيع منتوجاتها فيها بسعر أعلى.
وإذ شدد مارديني على ضرورة تسهيل القيام بالأعمال، أشار الى التعقيدات الموجودة في سوريا في موضوع فتح أو تأسيس وإقفال الشركات .
٥- إضافة إلى كل هذه الأمور التي ذكرها مارديني من أجل تعافي الاقتصاد السوري ركز على نقطة مهمة و هي الامتثال للمعايير العالمية من أجل تخفيف العقوبات الدولية التي يجب العمل عليها بالتوازي مع كل هذه الورشة الإصلاحية.
اصغط هنا لقراءة المقال على موقع صوت بيروت