هل يقترب لبنان من لحظة السقوط من اللائحة الرمادية بعد عرض أخطر ملفات التحويلات؟

اللائحة الرمادية

تتحرّك العواصم الدولية كلما تزايدت الشكوك حول قدرة لبنان على ضبط مسارات الأموال المتدفقة خارج منظومته المصرفية، ولاسيما مع تضخّم الاقتصاد النقدي وتحول جزء كبير من التداول المالي إلى قنوات غير خاضعة للرقابة.
في هذا السياق، جاءت زيارة وفد وزارة الخزانة الأميركية إلى بيروت رسالة واضحة بأن مرحلة التساهل انتهت، وأن المجتمع الدولي يريد أدلة عملية لا وعوداً، في ما يتعلق بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الأنشطة غير المشروعة ومع الكشف عن وثائق حسّاسة تتصل بتحويلات منفَّذة عبر شركات تحويل الأموال، عاد ملف “اللائحة الرمادية” ليتصدر المشهد ويضع السلطات اللبنانية أمام امتحان دقيق.

بعد عشرة أيام فقط من هذه الزيارة، تبدّل المشهد المالي بسرعة عقب إجراءات اتخذتها السلطات النقدية والقضائية. فالوفد الأميركي، وفق ما يكشفه مدير المعهد المالي لدراسات السوق الدكتور باتريك مارديني، قدّم للمسؤولين اللبنانيين مستندات وإيصالات توثق عمليات تحويل نفّذتها شركات تحويل الأموال، وتحدد بدقة الجهات التي أرسلت الأموال وتلك التي تلقّتها، مع تأكيد أن هذه العمليات غير شرعية وتشكل خرقاً مباشراً لمعايير الامتثال الدولية.

هذه المعطيات دفعت مصرف لبنان إلى توسيع إجراءات الشفافية لتشمل شركات التحويل، على غرار ما هو مطبّق داخل المصارف التجارية لجهة استمارة “اعرف عميلك” والرقابة على مصدر الأموال والجهة المتلقية ويشير مارديني إلى أن المركزي كان قد اتخذ خطوة مماثلة سابقاً تتعلق بالمحافظ المالية، سعياً لضبط القطاع غير المصرفي الذي بات يشكل الكتلة الأكبر من التداولات بعد 2019، حيث يجري أكثر من 90% من العمليات المالية نقداً وخارج المصارف.

كما تحركت وزارة العدل لضبط العمليات لدى كتّاب العدل لمنع تمرير صفقات تُستغل لتبييض الأموال تحت غطاء شراء العقارات، إضافة إلى إجراءات تخص قطاع المجوهرات الثمينة الذي يُعد من المنافذ التقليدية للعمليات غير المشروعة.

ورغم أهمية هذه الخطوات، لا يرى مارديني أنها كافية لإخراج لبنان من اللائحة الرمادية، إذ يتطلب الأمر مساراً طويلاً يشمل مكافحة التهرب الجمركي والضريبي، وتعزيز الامتثال، وملاحقة شبكات المخدرات، وهي ملفات تتجاوز صلاحيات المصرف المركزي وتتطلب جهداً قضائياً وإدارياً منظماً.

بهذا، يبدو أن لبنان دخل مرحلة جديدة من التدقيق الدولي، حيث لم يعد ممكناً البقاء في المنطقة الرمادية من دون ثمن، فيما الضغوط تتصاعد لفرض شفافية كاملة على كل مسار مالي يعمل خارج النظام المصرفي.


اضغط هنا لقراءة المقال على موقع وكالة أنباء آسيا