عندما قرّرت الحكومة زيادة رواتب موظفيها وموظفي القطاع الخاص بعد بدء انهيار الليرة والقطاع المصرفي، إرتفع سعر الدولار في السوق السوداء من 82 ألفاً في العام 2021 إلى 46 ألفاً في العام 2022، وفي القادم من الأيام ومع إقرار الزيادة الثالثة على الأجور، ومضاعفة الحد الأدنى للأجور من 4،5 مليون ليرة إلى 9 ملايين ليرة، هل سيتضاعف سعر الدولار من 97 ألف ليرة ليصل إلى عتبة المئتي ألف ليرة؟
عن هذا السؤال، يجيب رئيس معهد دراسات السوق الخبير الدكتور باتريك مارديني، مؤكداً بأن “الإستقرار الحالي في سعر صرف الدولار، لن يدوم بعد اليوم، وانهيارالليرة سيتواصل لأن الزيادات على الأجور، سترتب زيادة طباعة الليرة وارتفاع مستوى التضخم، وستؤدي إلى ارتفاع كبير في سعر الدولار”.
ويكشف الدكتور مارديني لـ”ليبانون ديبايت”، أن رفع الأجور سيغذي انهيار الليرة، وغداً عندما سيقفز سعر الدولار ويتجاوز المئة ألف ليرة سيكون السبب الوحيد هو زيادة الرواتب، كون الحكومة لا تملك المال لدفع الزيادة، وستجبر المواطن على دفعها من جيوبهم من خلال ضريبة التضخم وطباعة الليرة، وبالتالي، أن ما سيحصل عليه الموظفون بيد، سيخسرونه باليد الأخرى عن طريق التضخم، ويوضح مارديني أنه في حال تدخل المركزي وأعطى الزيادة بالدولار بدلاً من الليرة، سيؤدي ذلك إلى خسارة ما تبقى من أموال المودعين، وإلى تعميق الأزمة المالية.
وعن المسؤول عن موجة الإنهيار المقبلة، يؤكد مارديني، أن “الحكومة هي المسؤولة بعد إقرارها هذه الزيادات”.
ورداً على سؤال، عن تأثير طباعة الليرة، يجزم مارديني بالوصول إلى واقع التضخم المفرط، لافتاً إلى أكثر من عاملٍ يدفع نحو تسريع الإنهيار، وأبرزها ما يتمثل في الأشهر القليلة المقبلة في نهاية ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وهو ما يحتم تعيين الحاكم الذي سيخلف رياض سلامة لتفادي أي فراغ في موقع حاكمية مصرف لبنان، لأن الفراغ يزعزع الثقة ويزيد حالة عدم الإستقرار، ويؤدي إلى تفاقم الأزمة المالية بشكل كبير وخطير.
ومن هنا، يرى مارديني أولويةً قصوى لاختيار، وحتى إعلان إسم الشخصية التي سيتم تعيينها قبل نهاية الولاية في تموز، لأن الإعلان من شأنه أن يعزِّز الشفافية ويرفع منسوب الثقة في الاسواق، إذ لا ينقص الواقع المالي المزيد من الأزمات والتعطيل والفراغ، وبالتالي، من الضروري إشاعة الهدوء وطمأنة اللبنانيين بأن الفراغ لن يحصل في حاكمية مصرف لبنان.
وعن واقع الإنهيار المالي والأزمة المصرفية ومصير الودائع مع تراجع حجم الإحتياطي الإلزامي في مصرف لبنان، يؤكد مارديني، أن الإحتياطي يتضاءل منذ ثلاث سنوات، وعند بداية الأزمة كان احتياطي العملات الأجنبية في مصرف لبنان يوازي 35 مليار دولار، وقد اختفى نحو 25 مليار دولار حتى اليوم ولم يبقَ إلا 9 مليارات يتم هدرها يوماً بعد يوم على منصة “صيرفة”، من خلال سحب الليرة من اللبنانيين وإعطائهم الدولار على “صيرفة”، ما يؤدي إلى ذوبان الإحتياطي، علماً أن “هذا الدولار هو ما تبقى من أموال المودعين”، الذين سيواجهون المزيد من الخسائر بسبب ارتفاع نسبة “الهيركات” على الودائع.