صندوق النقد يثني على إجراءات المركزي.. والمطلوب تثبيتها بالقانون

تشير المعطيات إلى صعوبة تمويل الاقتصاد اللبناني وإعادة تشغيله بكامل طاقته إذا بقي القطاع المصرفي معطلاً، حيث يستمر الخلاف حول كيفية توزيع خسائر هذا القطاع بين مختلف الأطراف المعنية، وهو ما يعرقل التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي حتى الآن. يثني البعض على جهود حاكم مصرف لبنان المركزي بالإنابة في تثبيت سعر صرف الليرة اللبنانية، متطرقين في الوقت نفسه إلى الإشكاليات المتعلقة بالقطاع المصرفي ومسألة الودائع المجمدة. كانت النقطة الأساسية والشرط الرئيسي منذ بدأ لبنان مفاوضاته مع صندوق النقد الدولي هو التوصل إلى اتفاق على خطة شاملة لمعالجة أوضاع المصارف العاملة في لبنان وإعادة هيكلتها، على أن تحظى هذه الخطة بموافقة مجلس الوزراء ويصادق عليها مجلس النواب، إذ بدون ذلك لا يمكن للصندوق العمل مع لبنان لاعتقاده بأن القطاع المصرفي المعطل لا يمكنه تمويل الاقتصاد وإعادة تشغيله. استمرت هذه العرقلة والمعضلة لمدة 5 سنوات كاملة دون حل وما زالت قائمة حتى الآن، وأصبح الموضوع ملحاً أكثر من أي وقت مضى بسبب اندلاع الحرب في جنوب لبنان وأزمة النازحين الناجمة عنها، مما يستدعي التعجيل بحل هذه المشكلة لعدم توفر المزيد من الوقت نظراً لتفاقم الأزمة الاقتصادية والإنسانية. طرحت إحدى الأفكار بيع سندات خزينة لبنانية إلى جهات مالية ومؤسسات مصرفية كبرى موثوقة قادرة على شرائها وردها لخزينة الدولة بعد 30 عاماً، بحيث تستثمر الأموال المتحصلة من بيع هذه السندات في شراء سندات خارجية كالأمريكية وليس سندات خزينة لبنانية، علماً أن قيمة هذه السندات اليوم أصغر من أموال المودعين المجمدة لكن الفوائد والعائدات المتراكمة عليها مع مرور الوقت ستكون كبيرة. تمكن حاكم المصرف المركزي من تجفيف السوق المحلية من الليرة اللبنانية وتثبيت سعر صرفها، ما أثار التساؤلات عما إذا كانت لديه أدوات وسياسات نقدية أخرى يمكنه الاعتماد عليها لمواصلة تحقيق هذا الاستقرار النسبي لسعر الصرف. أشير إلى أن محور الخلاف الرئيسي مع صندوق النقد الدولي يتعلق بإصلاحات القطاع المصرفي وكيفية معالجة أزمته، إذ أثنى البعض على سياسة المصرف المركزي الحالية المتضمنة إلغاء منصة الصرف بأسعار مختلفة وتوحيد سعر الصرف ووقف تمويل الحكومة وعمليات إصدار النقد الجديدة مما أدى إلى جفاف السوق من الليرة وهو أمر إيجابي، كما شدد هؤلاء على أهمية إقرار موازنة حكومية متوازنة بما في ذلك موازنة العام 2025 رغم عدم كفاية هذه الإصلاحات لمعالجة الأزمة بشكل شامل لكنها تشكل خطوة في الاتجاه الصحيح نحو التعافي الاقتصادي. تكمن المخاوف في احتمال عودة مجلس النواب أو المصرف المركزي نفسه عن هذه الإجراءات المهمة كطلب الحكومة للتمويل والاقتراض من المصرف مجدداً، لذا يجب ترسيخ هذه السياسة النقدية الناجحة بالقوانين وتعديل قانون النقد والتسليف لمنع المصرف المركزي من تمويل الحكومة وضمان استدامة الاستقرار النقدي الحالي.

اضغط هنا لمشاهدة المقابلة على موقع صوت كل لبنان