لم يكن ينقص الطبقة الحاكمة في لبنان إلا الحرب الروسية الأوكرانية “ليكمل معها النقل بالزعرور” وتستعملها شماعة لتعليق فشلها الاقتصادي والسياسي، لننتقل من مرحلة “ما خلّونا” إلى “مش قادرين”.
تلك الحرب التي باتت “حجة” لاستحداث الأزمات وزيادة من طين معاناة المواطنين بلّة، لا بنزين لدى سلطة انتهى كازها، والطوابير عادت إلى المحطات ومع كل “تنكة بنزين” مبروك من وزير الطاقة وليد فياض، وأصحاب المولدات أصيبوا بعدوى كهرباء لبنان، وانذروا اللبنانيين بالتقنين الحاد، “ناموا بكير وشوفوا الصحة كيف بتصير”.
من أشغال الحياة المعيشية الشاقة، إلى الانتخابات النيابية المهددة بالتأجيل وسط طموحات “عونية” وزلّة لسان وزير السياحة وليد نصار، أمس الإثنين، بمطالبته ترحيل الملف الانتخابي إلى أيلول المقبل أو إلى ما بعد بعده، والذريعة حاضرة… “الميغاسنتر.
وفي السياق، لا صوت يعلو فوق صوت الانتخابات النيابية، ويفترض ان يكون هذا الأسبوع حاسماً لناحية تحديد الصورة النهائية لما سترسو عليه الترشيحات الرسمية لهذا الاستحقاق، في نهاية الاسبوع الأخير من مهلة تقديم الترشيحات التي تنتهي في 15 آذار الجاري (حتى الآن لا يزال العدد 117 مرشحاً)، وكذلك لناحية تحديد مصير “الميغاسنتر”، إذ سيبتّ مجلس الوزراء في إمكان اعتمادها في الانتخابات المقرّرة في 15 أيار المقبل، أو عدمه، في الجلسة التي سيعقدها في القصر الجمهوري في بعبدا الخميس المقبل.
وفيما تشهد الدوائر المعنية في وزارة الداخلية إقبالاً ملحوظاً من المرشحين، يُنتظر ان تحسم وجهة ملف الميغاسنتر، في السرايا الحكومية، خلال اجتماع اللجنة الوزارية التي شكّلها مجلس الوزراء في جلسته السابقة لدراسة إمكان اعتماد الميغاسنتر، وكذلك درس مضمون تقرير وزير الداخليّة بسام مولوي، الذي لم يكن مرضياً لرئيس الجمهورية وفق ما بدا في جلسة مجلس الوزراء يوم الجمعة الماضي، ولاسيما لناحية المعوقات التي تضمنها، وتحول دون اعتماد “الميغاسنتر”.
توازياً، كشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ”اللواء” عن ان الفريق العوني يرغب بتأجيل اجراء الانتخابات ثلاثة أشهر، وليس شهرين، بحيث تجري في أيلول، للحؤول دون حكومة تصريف أعمال لأربعة أشهر، وهي فترة طويلة إذا تعذر تأليف حكومة في الوقت الفاصل بين تأليف المجلس الجديد واجراء انتخابات الرئاسة الأولى، إذ ان ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون تنتهي في 31 تشرين الأول المقبل.
وقالت المصادر ان الفريق العوني ليس بإمكانه تحمل أشهر ثلاثة في تصريف العمل، إذ يطمح لإصدار تعيينات وتشكيلات لا يمكنه القيام بها في ظل حكومة تصريف أعمال.
وبمعزل عمّن هو مع إقامة الميغاسنتر ومن هو ضدّها لأسباب سياسية او تقنية، وعمّا إذا كانت ستؤثر على العملية الانتخابية لناحية زيادة نسبة الاقتراع، فإنّ الخلاصات التي انتهت اليها دراسات بعض المعنيين بالشأن الاحصائي والانتخابي تلحظ مسألتين:
الاولى، ارتفاع اسعار المحروقات، إذ تجاوز سعر صفيحة البنزين الأربعمائة الف ليرة، ومن الآن وحتى انتخابات 15 ايار، قد يرتفع هذا السعر بمعدلات أعلى مما هو عليه الآن بكثير، ما قد يدفع الشريحة الكبرى من الناخبين الى الإحجام عن التوجّه الى قراهم وبلداتهم للمشاركة في عمليات الاقتراع. ومن شأن هذا الامر ان يخفّض نسبة الاقتراع الى حدود كبيرة.
الثانية، استحداث “الميغاسنتر” يوفّر حتماً على المواطن اللبناني كلفة الانتقال إلى مكان قيده لممارسة حقه في الانتخاب. ومن شأنه نظرياً أن يرفع نسب المشاركة للفئات التي تحجم عن الاقتراع عادة، لعدم تكبّد أعباء ومشقة الانتقال إلى مراكز الاقتراع في قراها وبلداتها. الّا انّ ما ينبغي لحظه في هذا الاستحقاق، انّ نسبة كبيرة جداً من المواطنين حسمت خياراتها مسبقاً، وقرّرت عدم المشاركة بوجود “ميغاسنتر” او عدمه، ربطاً بالأزمة وأسبابها، وانطلاقاً من السخط العارم على السياسيين. إضافة الى انعدام الثقة بوجوه جديدة تُحدث التغيير المطلوب، بل انّ الشريحة الأكبر من المرشّحين عائدة للطبقة السياسية ذاتها المشكو منها. ويُضاف الى ذلك، عدم وجود برامج انتخابية جدّية جاذبة للناخبين، وفقاً لـ”الجمهورية”.
وعلى الصعيد المالي، لا تبدو أرقام الميزانيّة نصف الشهريّة التي نشرها مصرف لبنان الأسبوع الماضي مطمئنة، لناحية استمراره في السيطرة على سوق الصرف عبر منصة صيرفة. وتظهر الأرقام أن “المركزي” خسر أكثر من مليار و300 مليون دولار من احتياطه بالعملات الأجنبية، منذ بدء ضخ الدولارات في السوق بلا سقوف في سياق تطبيق التعميم رقم 161 لخفض سعر الدولار بعدما بلغ أكثر من 33.000 ل.ل، ولا يزال مستمراً بهدف تثبيته على سعر 20.000 ل.ل في المرحلة المنظورة، كما يلاحظ.
ويؤكد رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق باتريك مارديني، لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أن “ثبات سعر الصرف حالياً على نحو 20.000 ليرة، اصطناعي، ولا يعكس حقيقة الواقع المتدهور يوماً بعد يوم. والإثبات على أن هذا السعر وهمي وغير حقيقي، هو خسارة المصرف المركزي لاحتياطي العملات الأجنبية”.
ويوضح، أنه “لو كان سعر الـ20.000 ل.ل سعر توازن للسوق بين العرض والطلب، لما كان مصرف لبنان يخسر من الاحتياطي. فخسارة أكثر من مليار دولار خلال شهرين ونيّف تقريباً تدلّ على أن السوق غير متوازن، وأن الطلب على الدولار أكبر بكثير من عرضه، لذلك يخسر البنك المركزي احتياطاته. ما يعني أن السعر الحقيقي للدولار اليوم أعلى بكثير من 20.000 ل.ل”
اضغط هنا لقراءة المقال على موقع Lebanese Forces