سلع مدعومة وشعب محروم: الاحتكار الرابح الأكبر… والسلة الغذائية جاءت أقل من التهليل!

سلع مدعومة وشعب محروم: الاحتكار الرابح الأكبر… والسلة الغذائية جاءت أقل من التهليل!

كنا نكافح العوز لمواصلة العيش الكريم. كنا نناضل من أجل تأمين أبسط مستلزمات الحياة. كنا نتحمل المأساة المعيشية بصبر وحسرة، بانتظار استنباط أي حل، من شأنه أن ينتشلنا من البؤس الذي يخيم على يومياتنا. كنا نعيش من “قلّة الموت”، حتى جاء انفجار ​مرفأ بيروت​ ليكشف لنا أن الموت لم يعد قليلا، بل هو متربص على أبواب منازلنا، وأعمالنا، وشوارعنا.

لقد أضافت فاجعة بيروت بعدا جديدا الى المشهد الاقتصادي، ودخلت الأزمة المعيشية التي تشهدها البلاد، مرحلة جديدة، حتى باتت تبدو الأوضاع ماضية نحو المزيد من التعقيد، رغم تراجع سعر صرف ​الدولار​، نتيجة أسباب عدة، منها إعادة فتح المطار، توفير ​السيولة النقدية لتسليم التحاويل الورادة من الخارج بالعملة الأجنبية، دخول المساعدات الى لبنان،…

اذ خسر عشرات آلاف اللبنانيين مصدر رزقهم، أو جزءا من مداخيلهم، منذ الخريف الماضي، كما زادت تدابير الإغلاق العام التي فرضها انتشار فيروس “كورونا” المستجد، “الطين بلة”، في ظل غياب القدرة على لجم ارتفاع سعر الدولار في ​السوق السوداء​. هذه العوامل وغيرها، وتسببت بارتفاع معدل التضخم في بلد ذات اقتصاد ريعي، غير منتج، يعتمد على الاستيراد إلى حد كبير، ما أدى الى وصول نحو نصف السكان، الى تحت خط ​الفقر​ وفق ​البنك الدولي​، مع توقع الخبراء باختفاء الطبقة الوسطى بعد فترة وجيزة.

وانطلاقا من هذا الواقع الأليم الذي يخيم على الأجواء، بادرت وزارة الاقتصاد منذ حوالي شهرين، الى تقديم سلة غذائية مدعومة، بالتعاون مع ​مصرف لبنان​، هدفها تخفيض أسعار ​السلع الغذائية​ الأساسية والحفاظ على ​الأمن الغذائي​.

“السلة وين؟”

كيف ترجمت هذه السلة على الأرض؟ هل استفاد منها المواطنون؟ هل شهدنا على انخفاض فعلي بالأسعار؟

“الاقتصاد” جالت على بعض المحلات والسوبرماركت، كما استطلعت آراء بعض المواطنين. وقال فادي، وهو رب أسرة مؤلفة من خمسة أشخاص: “لقد سرق ​التجار​ أموال الشعب من جديد، من خلال هذا الدعم المزعوم. فالفرق في الأسعار بسيط جدا في حوالي 10% فقط من السلع. ومن هنا، على المواطن أن يستعين بذكائه وبصيرته من أجل الحصول على أفضل سعر؛ فنظراً الى إخفاء البعض للسلة الغذائية المدعومة ورفع أسعارها، على كل واحد منا أن يتحلى بالمسؤولية، ومقاطعة السلع غير الضرورية، وفي المقابل، الاكتفاء بكميات قليلة من الضروريات، ما سيؤدي حتما الى خفض الأسعار، وتخفيف الاحتكار والجشع”.

“عم يربحونا جميلة بسلة غذائية ما حدا شافها”

غسان، مواطن من بيروت، أوضح أن الرحلة الى السوبرماركت، باتت كالتوجه الى مغارة ​علي بابا​؛ السرقة على عينك يا تاجر، السلع المدعومة غائبة تماما، وإن وجدت في بعض الأماكن، تكون محدودة جدا. وأضاف: “في غالبية الأوقات، كنا نجد ورقة مكتوب عليها: “مدعوم من قبل وزارة الاقتصاد”، بالإضافة الى سعر السلعة، ملصقة فوق رفوف فارغة تماما”. وتابع قائلا: “عم يربحونا جميلة بسلة غذائية ما حدا شافها”.

غسان، مواطن من بيروت، أوضح أن الرحلة الى السوبرماركت، باتت كالتوجه الى مغارة ​علي بابا​؛ السرقة على عينك يا تاجر، السلع المدعومة غائبة تماما، وإن وجدت في بعض الأماكن، تكون محدودة جدا. وأضاف: “في غالبية الأوقات، كنا نجد ورقة مكتوب عليها: “مدعوم من قبل وزارة الاقتصاد”، بالإضافة الى سعر السلعة، ملصقة فوق رفوف فارغة تماما”. وتابع قائلا: “عم يربحونا جميلة بسلة غذائية ما حدا شافها”.

في حين لفتت موريال من منطقة الذوق، الى أنها لاحظت بعض الانخفاض في أسعار عدد من السلع الغذائية، ومنها ​الأرز​، الحمص، ​السكر​، وحليب الأطفال. وقالت: “كنا في الماضي، نشتري أصناف معينة من المنتجات، ولكن اليوم، نبحث فقط عن الأرخص، دون الاهتمام حتى بالاسم”.

فدوى، ربة منزل، أكدت لنا أنها توجهت يوم أمس الأحد الى إحدى السوبرماركت في منطقة المتن، ولم تجد أي منتج مدعوم على الإطلاق. وقالت: “منذ حوالي 15 يوما، وجدت بعض السلع المدعومة مثل الحليب و​الزيت​، لكنها اختفت مؤخرا عن الرفوف، كما أن الأسعار لم تنخفض أبدا، بل على العكس، هي مستمرة في منحاها التصاعدي، رغم تراجع الدولار”.

وتابعت: “لدى مواجهة مدراء السوبرماركت، لسؤالهم عن أسباب هذه الزيادات غير المبررة، يلقون باللوم على الموردين الذين لا يسلمونهم البضائع الا على السعر المرتفع، بحجة مواصلة قدرتهم على إعادة شراء البضائع، في حال شهدت أسعارها المزيد من الارتفاع”.

“كل يغني على ليلاه…!”

في بلد يعتمد بشكل أساس، على الاستيراد، من أجل الحصول على السلع الأساسية، وخلال الأزمات المتصلة بارتفاع سعر صرف العملة الأجنبية بشكل متسارع، وندرتها من الأسواق، يقوم التجار بتسعير البضائع في المخزون أو تلك المعروضة للبيع على الرفوف بحسب توقعاتهم لسعر الدولار على قاعدة “Replacement Value”، أي “قيمة الاستبدال”، ما يعني قيمة إعادة تكوين المخزون.

لكننا بصراحة، لا نفهم هذه المعادلة المتبعة: فعندما ارتفع ​سعر صرف الدولار​، ارتفعت معه أسعار المواد الاستهلاكية بأنواعها كافة، ولكن عندما نزل الدولار بشكل ملحوظ، بقيت الأسعار على ما هي عليه، وحتى أن بعضها استمر بالارتفاع. فلماذا ما زلنا نشتري البضائع على سعر صرف 10 آلاف ليرة، في حين أن السعر قد انخفض الى حدود الـ7000؟

هذه اللعبة القذرة والجشعة، أدت الى تجاوز معدل التضخم في لبنان نسبة الـ500%، في ظل مواصلة القفزات المرعبة في أسعار السلع والخدمات، بشكل لا يتناسب أبدا مع قدرة المواطنين الشرائية، التي تتدهور أكثر فأكثر مع كل يوم يمضي.

لا مهرب من الجشع… الانصياع السبيل الوحيد!

نحن نعيش في خضم أسوأ أزمة اقتصادية تهدد استقرار لبنان، منذ الحرب اللبنانية، حيث نشهد على موجة غلاء غير مسبوقة، وسط كارثة سيولة حادة وشح الدولار. ففي ظل أزمة معيشية ضاغطة ووباء قاتل يلقي بظلاله على ما تبقى من حركة اقتصادية، ما زالت مسارات ​الفساد​ قوية ومنتشرة في بنية السلطة، وشركائها من التجار وأصحاب المؤسسات الكبرى والرساميل، الذين سمحوا لأنفسهم، وما زالوا، بتسعير السلع يوميا، انسجاماً مع تطورات سعر الصرف في السوق السوداء.

عائلات كثيرة كانت قادرة على تأمين قوتها اليومي، باتت اليوم عاجزة عن الحصول على أبسط متطلبات العيش، من خبز وطعام ودواء، مع خسارة أفرادها عملهم أو قدرتهم الشرائية.

نزلت السلة الغذائية لخدمة هذه الفئة بالتحديد، لكنها اختلطت للأسف، مع آلاف الأصناف الأخرى غير المدعومة في السوبرماركات، وباتت حجة لتجار كثر، يستخدمون الدولار كشماعة لرفع الأسعار بشكل خيالي، وعندما ينخفض سعر الصرف، تبقى الاسعار فوق الغيم. ناهيك عن شراء بعض الموردين للسلع بالأسعار المدعومة، والاحتفاظ بها في مخازنهم، من أجل إعادة بيعها الى الخارج أو تهريبها بأسعار أعلى، أو حتى أنهم ينتظرون أحيانا، مرور بعض الوقت لإعادة طرحها في المحلات بأسعار أعلى.

فمن يراقب ما اذا كان هذا الدعم يذهب الى مكانه الصحيح أم يُهرّب قسم منه، على غرار ما يحصل مع بقية السلع المدعومة مثل ​المازوت​ و​الأدوية​؟

ومن هنا، كان الأجدى قبل إقرار الدعم للسلة الغذائية، اتخاذ بعض الاجراءات التي من شأنها أن تحد من جشع الأطراف التي تبادر الى استغلال الأزمات ووجع الناس، من أجل تحقيق المكاسب.

تفاوت صادم في الأسعار!

لم نعد نستغرب أن يكون سعر السلعة الواحدة مضاعفا بين محل وآخر، في ظل غياب رقابة فعلية ومحاسبة مباشرة​​​​​​​.

اذ قال المواطن كمال من صور، أنه اشترى كيس أرز مدعوم بـ10 آلاف ليرة من سوبرماركت في المنطقة، وفي اليوم ذاته، رأى هذه السلعة بالتحديد في سوبرماركت آخر بـ18 ألف ليرة. ولدى مواجهة المسؤولين عن المتجر حول هذا الأمر، جاء التبرير بأن هذه السلعة لم تعد مدعومة لديهم.

بدورها، قالت رانيا من عرمون، أنها بحثت كثيرا، وفي أكثر من سوبرماركت واحد، عن المنتجات المدعومة، ولكن بدون جدوى. وقالت: “لا أجد أي سلعة مدعومة، والرفوف المخصصة لها تكون فارعة دائما، وبالتالي، أضطر لشراء غير المدعومة”.

من جهتها أوضحت المواطنة سلمى من الأشرفية: “لقد جاءت السلة أقل من التهليل الذي حصلت عليه. ولكن في لبنان، اعتدنا على الوعود والحلول الفارغة”. وأكدت أنها تبحث اليوم عن الأرخص، بغض النظر عن النوع أو الجودة حتى. وتابعت: “للأسف، أوصلونا الى هذه المرحلة؛ نشتري أحيانا المنتج الأسوأ، كي لا يكون غائبا عن منازلنا”. وأضاف: “للأسف صار بيهمنا بس نكفي هالحياة، بأي طريقة ممكنة، وبأي وسيلة متاحة”.

أما حال جهاد فهي الأسوأ، حيث أنه بات يستخدم المقايضة، كوسيلة للحصول على المنتجات الأساسية. وقال: “أستبدل أحيانا الأثاث والأدوات الكهربائية وأدوات المطبخ، ببعض ​المواد الغذائية​”. وأردف قائلا: “ما فينا نكمّل غير هيك. الأسعار نار، ومعاشي ما بيكفي لثاني يوم من الشهر”.

ماذا عن اللحوم؟!

قال المواطن فريد من بعبدات: “بصراحة، نسينا طعمة اللحمة”. وأكد أنه يشتري الضروريات فقط، ويبحث عن الأرخص دائما، خاصة أنه لا يصادف الا نادرا جدا، عددا محدودا من السلع المدعومة.

وحيث كان من المتوقع أن تنخفض ​أسعار اللحوم​ الطازجة، من 50 ألف ليرة إلى حوالى 35 ألفاً لكيلو لحم البقر، ومن 80 ألف ليرة إلى 40 ألف لكيلو لحم الغنم، لم نشهد حتى يومنا هذا، على أي تغيير.

وللتعرف الى الأسباب كان لـ”الاقتصاد” حديث خاص مع مدير عام وزارة الاقتصاد، ​محمد أبو حيدر​، الذي أوضح أن التأخير قد حصل منذ تاريخ 4 آب، اذ تم تحديد فترة 15 يوما بعد وصول اللحوم الى لبنان، لكي تبدأ الأسعار بالانخفاض، ولكن سبب التأخير لوجسيتي بحت، بسبب تفجير مرفأ بيروت، وموضوع العينات و​المصارف​ والسحب.

أبو حيدر: لأسباب لوجستية تأجل تخفيض أسعار اللحوم لمدة 15 يوما أخرى…

وأكد أن “كل ما لا علاقة بالمواشي الحية، يبدأ بالزراعة، ومن هنا، سوف أجتمع اليوم مع وزير الزراعة عباس مرتضى من أجل البحث في هذا الموضوع”. وتابع قائلا: “لم نطلب أي شحنة من الخارج، كما أن كل الطلبيات قد توقفت منذ حوالي 15 يوما. وبالتالي، علينا تأجيل موضوع تخفيض أسعار اللحوم لمدة 15 يوما أخرى، لأننا عدنا اليوم الى السكة في ما يتعلق باستقبال الطلبات. ومن هنا، بعد فترة 15 يوما من موعد وصول الشحنات، سوف تشهد أسعار اللحوم انخفاضا في الأسواق اللبنانية”.

وأكد أبو حيدر أيضا، أن وزارة الاقتصاد سوف تستمر بتأمين الدعم للسلة الغذائية، لكن أسباب التأخير لوجستية أيضا، لا أكثر ولا أقل.

احتياطي المركزي… الى متى؟

عندما بدأ الحديث عن السلة الغذائية والدعم المؤمن من مصرف لبنان، أكد هذا الأخير أنه يوفر هذه الدولارات عبر شرائها من السوق، وبالتالي ليس من احتياطه. في حين تؤكد بعض الجهات، أنه لن يتمكن من الاستمرار في تأمين هذا الدعم من دولارات السوق، وبالتالي، سيضطر للجوء الى الاحتياطي.

ولكن في بلد الفساد والغش والاحتيال والجشع، هل يجوز الاستعانة بأموال المودعين من جهة، واستنزاف احتياطي المركزي من جهة ثانية، من أجل تأمين “دعم” وهمي، لا يعطي النتيجة المرجوة، ويستغله البعض لزيادة أرباحه على حساب معاناة شعب بكامله؟

ومن هنا، فإن الحل لا يكمن في استمرارية هذا الدعم، بالآلية المعتمدة حاليا، بل إن الحل الفعال اليوم، في ظل مواصلة سياسية الدعم، يقضي بتخصيص تعاونيات لبيع هذه السلع المدعومة، وذلك من أجل ضبط السوق، ومكافحة الاستنزاف المالي للدولة، من خلال صرف الدولارات بطريقة ستصب في مصلحة المستفيدين الفعليين، وليس المستغلين.

البديل عن الدعم… قارب نجاة للشعب وللاحتياطي أيضا!

أشار رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق د. باتريك مارديني، لموقع “الاقتصاد”، الى أن سياسة الدعم، أكان من ناحية السلة الغذائية أم ​المحروقات​ والأدوية، هي سياسة سيئة جدا وغير فعالة. وقال: “الغاية منها هي مساعدة الناس على شراء السلع بسعر أرخص، ولكنها في الواقع، لا تؤدي الى هذه النتيجة، بل الى عكسها تماما، وذلك لأن السلع المدعومة تختفي من الأسواق بفعل التهريب؛ على سبيل المثال، اذا كان بإمكان التاجر بيع المازوت في لبنان بـ11 ألف ليرة، وفي ​سوريا​ بـ22 ألف ليرة. لماذا سيبيعه بالسعر الأقل؟ وبالتالي، فإن خفض الأسعار لا يعني مساعدة الشعب في الحصول على السلع من الأسواق، بل حرمانهم منها أكثر”.

وأكد أن دعم أي سلعة يعني انقطاعها من السوق، موضحا أن سياسات الدعم أثبتت فشلها في كل دول العالم التي اتبعتها لأنها لا تساعد الشعب، وبالتالي، هي جيدة للدعاية السياسية والإعلامية، لكنها في الواقع تؤدي الى انقطاع السلع. كما أن كلفتها مرتفعة، وتستنزف احتياطي الدولار من المركزي.

د. مارديني: سياسات الدعم أثبتت فشلها في كل دول العالم

وأضاف: “بهذه الطريقة، تتم سرقة الأموال من درب المواطنين، لإعطائها للمهربين”.

وعن الحلول البديلة، لفت د. مارديني الى أن الدولارات الموجودة في مصرف لبنان هي في الواقع، ما تبقى من أموال المودعين، ومن هنا، على المركزي أن يتيح للناس سحب أموالها بالدولار. فاذا أرادت الدولة فعلا مساعدة الشعب، يجب أن لا تلجأ الى دعم السلع وإعطاء المال للمهربين، بل عليها تقديم الأموال مباشرة للفقراء، من خلال لوائح وزارة الشؤون الاجتماعية.

وتابع: “من جهة أخرى، يجب دعم المتضررين من انفجار مرفأ بيروت، والذين هم بحاجة ماسة اليوم الى ترميم منازلهم، بدلا من هدر الدولارات على الدعم. فلتسمح لهم المصارف بسحب أموالهم الخاصة، من حساباتهم الخاصة، بالدولار”.

الدعم لا يصل… والضحية ​المستهلك​!​​​​​​​

طالبت نائبة رئيس “جمعية حماية ​المستهلك​”، د. ندى نعمة، في حديث سابق لـ”الاقتصاد”، بوقف العمل بالسلة الغذائية المدعومة، التي تختار تجاراً ومستوردين لدعمهم، وأكدت على وجوب التوجه الى الدعم المباشر للعائلات المحتاجة، من خلال المال والقسائم، أسوة بكل تجارب العالم.

نعمة: لا يصل من الدعم إلى المستهلكين سوى 10%

ولفتت الى أن الدعم حالياً لا يصل منه إلى المستهلكين إلا 10% في أفضل الأحوال.

“الأرقام منا والتحليل منكم”…

من أجل توصيف الحالة المأساوية التي وصلنا اليها اليوم، سنعرض بعض الأرقام والمؤشرات من السنوات الماضية:

عام 2016:

– الرقم المطلوب لتكاليف الحد الأدنى لعائلة مؤلفة من 4 أفراد لا يُمكن أن يقل عن 2000 دولار شهريًا، دون حسبان مستحقات ​الديون​، والتقسيط، والمصاريف الخاصة بالتدفئة أو التبريد، والمصاريف الترفيهية، و​التأمين الصحي​. والأكثرية الساحقة من المواطنين اللبنانيين يقبضون رواتبهم بالليرة وليس بالدولار. وبالتالي، الـ2000 دولار التي كانت توازي 3 ملايين ليرة لبنانية، عام 2016، باتت اليوم بحدود الـ428 دولار (اذا احتسبنا القيمة على سعر صرف الدولار مقابل 7000 ليرة). فكيف يمكن للأسرة الاستمرار؟ سنترك الحسابات لكم!…

عام 2017:

– نشر البنك الدولي تقريرًا، أكد فيه أن نسبة اللبنانيين الذين يعيشون تحت خط الفقر، وصلت إلى 30%.

عام 2018:

– كانت الثروات الخاصة في لبنان تقدر بـ91 مليار دولار، نصفها بيد 0.3% من اللبنانيين.

– ارتفع الرقم القياسي لأسعار المستهلك الصادر عن إدارة الإحصاء المركزي من101.08 لغاية 107.68. أي أن متوسط أسعار السلّة الاستهلاكية للمواطن اللبناني ارتفع بنسبة 6.53% خلال سنة واحدة فقط، ما يعني هبوط القيمة الشرائية لدخله بالنسبة نفسها. وقد حصل آخر تصحيح لأجور القطاع الخاصّ عام 2012، وخلال 7 سنوات، ارتفع مؤشّر الأسعار بنسبة 23%، وهو ما يعني تراجع القدرة الشرائية لهذه ​الأجور​ بهذه النسبة.

عند المقارنة، هل توضح هذه الأرقام جزءا من عمق الأزمة المعيشية والاجتماعية التي نمرّ بها اليوم؟

إضغط هنا لقراءة المقال على موقع الاقتصاد