زلزال ضرب القطاع المصرفي في لبنان بعد دخول قرارات النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، القاضية غادة عون، بحق المصارف ورؤساء مجالسها والأعضاء بمنع السفر ووضع إشارات منع تصرّف على عقاراتهم وأملاكهم حيز التنفيذ.
فقد أقفل مصرف فرنسبنك أبوابه وبلّغ موظفيه بالبقاء في منازلهم خلال الايام المقبلة تنفيذاً للإجراءات المقدمة ضده والتي تشمل الحجز على جميع موجوداته في مختلف الفروع بما فيها الخزائن والأموال، وختمها بالشمع الأحمر في حال عدم رضوخ المصرف وتسديده لكامل مبلغ وديعة تعود للمواطن عياد إبراهيم.
هذا وأبلغ “فرنسبك” القوى الأمنية قرار إيقاف العمليات المصرفية، وتالياً وقف حصول العناصر على رواتبهم إلى حين صدور قرار جديد معاكس .
وتقول مصادر مصرفية لـ”جسور” أن الخطوة قد تطيح بالقطاع المصرفي و”الله يستر” مما قد ينتج عن هكذا قرار فيما خص باقي المصارف. ويتساءل المصدر: “ما ذنب الأشخاص الذين وضعوا ممتلكاتهم في خزائن المصرف مثلاً وما ذنب الموظفين؟”، في حين أن مصادر مصرفية في فرنسبنك تقول لـ”جسور” أن “كل مشكلة ولها حلّ، وتمّ تبليغ الموظفين بالإقفال ونتأمل خيراً.”
بيان فرنسبنك: نعتذر
ولاحقا أصدر فرنسبنك بياناً قال فيه: “بناء على القرار القضائي الذي أصدرته رئيسة دائرة التنفيذ في بيروت القاضية مريانا عناني في 15 مارس/آذار والذي قضى بالحجز التنفيذي على جميع أسهم وعقارات وموجودات فرنسبنك، والحجز على جميع موجودات فروع المصرف بما فيها الخزائن والأموال وختمها بالشمع الأحمر، يعلن فرنسبنك التزامه بالقرار ويعتذر عن عدم إمكانيته تلبية حاجات عملائه وسيما دفع رواتب موظفي القطاع العام وغيرهم. كما ويوضح المصرف أن المتقدّم بالشكوى عياد ابراهيم كان قد أغلق حسابه واسترجع كامل وديعته. ويبقى فرنسبنك ملتزماً تحت سقف القانون”.
وللاطلاع أكثر على تداعيات هذا القرار وهل تحذو مصارف اخرى حذو فرنسبنك، يوضح الخبير الاقتصادي باتريك مارديني في حديث لـ”جسور” أن المصرف لن يستطيع الدفع للموظفين ولا لموظفي الشركات ولا المودعين وغيرهم ولا يمكن لأحد سحب أمواله من الـATM لأن المحكمة حجزت على الأموال مما يعني عدم التصرّف”، ويشير مارديني إلى أنه “بالتأكيد هناك خشية من أن يتم إصدار قرار بمصارف أخرى إن تمّ رفع دعوى مماثلة بمصرف آخر فستصدر القاضية القرار ذاته.”
تصفية القطاع المصرفي.. ليس الحلّ
وفي خضمّ هذه الموجة وتلك التي سبقتها والتي ممكن أن تليها، يتساءل البعض كيف وصلت الأمور إلى هذا الحدّ؟ يعتبر مارديني أنه “لم يعد لدى المصرف اللبنانية الأموال الكافية في صناديقها أو بالمصرف المركزي وإذا جمعت كل الأموال الموجودة لديها إضافة الى الأصول الموجودة عندها فكل هذا لن يكفي لتسديد أموال المودعين”، ويضيف: المودعون وضعوا أموالهم في المصارف التي قامت باداعها للقطاع العام بشقيه المصرف المركزي والدولة اللبنانية والقطاع العام عاجز عن تسديد الأموال للمصارف وبالتالي حتى لو تمّ حجز ممتلكات المصارف وبيعها فذلك لن يكفي لتسديد ودائع اللبنانيين”وتبقى فجوة تقريبا بـ70 مليار دولار”. ويقول: “يجب حل الأزمة المصرفية وقرار الذي صدر لا يحلّ المشكل إنما يحل مشكلة مودع واحد فقط”، ويشدّد على أنه يجب تفعيل القطاع المصرفي وليس التنكيل فيه.
اجراءات بالشمع الأحمر
وفي تفاصيل ما سجله تنفيذ الاجراء القضائي ضد فرنسبنك، انتقل مأمورا التنفيذ في دائرة التنفيذ في بيروت إلى الفرع الرئيسي لفرنسبنك في الحمرا، وفرعه في بدارو للحجز على جميع موجودات فرعي المصرف المذكور بما فيها الخزائن والأموال، وختمها بالشمع الأحمر والذي قضى بإنفاذ الحجز التنفيذي على جميع أسهم وعقارات وموجودات فرنسبنك وفروعه وشركاته في كل لبنان تمهيداً لطرحها في المزاد العلني بحال عدم رضوخ المصرف وتسديده لكامل مبلغ الوديعة وملحقاته فوراً بناءً لطلب محامي تحالف “متحدون” بوكالتهم عن المدّعي المودع عياد غرباوي إبراهيم من جمعية صرخة المودعين في الشكوى رقم ١١.٣/٢٠٢٢،وتقرر إلقاء الحجز التنفيذي على موجودات المنفذ عليه فرنسبنك بما فيها الخزائن وموجوداتها والأموال في صناديقها وذلك في الفرع الرئيسي في الحمرا والفروع الكائنة في مناطق: التباريس، الصيفي، الاشرفية، الجناح، مار الياس، عين المريسة، طريق الجديدة، السوديكو، رأس النبع، الأشرفية – ساسين، المصيطبة، فردان، باب ادريس، العدلية، وتمّ تكليف مأمور التنفيذ القيام الإجراءات اللازمة.
هذا وطلبت القاضية عناني من دوائر التنفيذ المختصة خارج بيروت القيام بما يلزم لتنفيذ الحجز على فروع فرنسبنك في نطاقها وفق منطوق القرار، وذلك بعد رد طلب وقف التنفيذ المقدم من المصرف من قبل القاضية رولا عبدالله.
جمعية المصارف تواجه
وردّاً على إجراءات القاضية غادة عون ضد المصارف، أصدرت جمعية المصارف بياناً اعتبرت فيه أنها “آثرت المصارف حتى اليوم السكوت عن الإجراءات غير القانونية والممارسات التعسفية والضغوطات غير الواقعية وحملات التشهير المستمرة الصادرة عن العديد من الجهات الرسمية وغير الرسمية، حرصاً على حقوق المودعين ومن أجل تجنيب القطاع المصرفي أضراراً إضافية بعد كل ما مرّ به من أحداث وتحديات”، مشيرة الى أن “هذه الممارسات قد تكلّلت بمزيد من الإجراءات القضائية غير القانونية والتعسفية التي يشوبها عيب تجاوز حد السلطة”.
وأكدت الجمعية “ان المصارف لا يمكنها أن تبقى على الرغم عنها في مواجهة مع المودعين لأسباب لا تعود لها ولا تتحمل مسؤوليتها، كما أنها لا يمكن أن تقبل منذ الآن وصاعداً أن تتحمل نتائج سياسات مالية سابقة وتدابير مجحفة صادرة عن السلطات المختصة والتي جعلتها كبش محرقة تجاه المودعين، ولا أن تكون ضحية مواقف شعبوية تصدر نتيجة تموضعات سياسية أو أن تتحمل تدابير غير قانونية صادرة بحقها.
إن استمرار اتخاذ التدابير التعسفية وغير القانونية بحق المصارف تطيح بالقطاع المصرفي وتلحق أشد الضرر بمصالح المودعين خصوصاً في ضوء التداعيات السلبية لعلاقاتها مع المصارف المراسلة الأجنبية، كما أنها تشكّل الضربة القاضية لما تبقّى من الاقتصاد اللبناني.”، معلنة “عن عزمها دعوة الجمعية العمومية للانعقاد بأسرع وقت ممكن والإبقاء على اجتماعاتها مفتوحة لمواكبة التطورات وتجاوب المعنيين مع الاحتفاظ بحقها باتخاذ كافة الإجراءات التي تراها مناسبة صوناً لمصلحة المواطنين وللمصلحة الوطنية العليا.”