بنوك لبنان في مواجهة مفتوحة مع القضاء.. ما القصة؟

بنوك لبنان في مواجهة مفتوحة مع القضاء.. ما القصة؟

علنت جمعية مصارف لبنان، أمس الجمعة 18 مارس 2022، عن تنظيم إضراب لمدة يومين، ردًّا على الإجراءات القضائية التي استهدفت 7 بنوك رئيسة، خلال الأيام الماضية.

وكشفت الجمعية أن هذا الإضراب مجرد خطوة أولى للتنبيه والتوعية إلى خطورة ما آلت إليه الأوضاع الراهنة، مطالبةً بتصحيح الخلل الحالي وصدور قانون “الكابيتال كونترول” لمراقبة رأس المال بأسرع وقت، وبإقرار خطة تعافٍ والمباشرة بتنفيذها.

إضراب تحذيري
أوضحت جمعية المصارف، في بيان، أنها قررت إعلان إضراب تحذيري يومي الاثنين والثلاثاء 21 و22 مارس 2022، مضيفةً أن المصارف اللبنانية لم تعد تحتمل القرارات التعسفية التي تتناولها من كل حدب وصوب، في وقت يمتنع مدينو المصارف والدولة اللبنانية ومصرف لبنان المركزي عن تسديد موجباتهم وتحمّل مسؤولياتهم تجاه المصارف والمودعين.

وتابعت: مع الأسف فإن استمرار غياب قانون “الكابيتال كونترول” الخاص بتقييد تحويلات رؤوس الأموال الأجنبية إلى الخارج، وإقرار خطة تعافٍ والمباشرة بتنفيذها يؤدي إلى تدمير ممنهج للاقتصاد الوطني، وتساءلت: ألا يعي المعنيون التداعيات الكارثية للتدابير التعسفية المتخذة بحق المصارف تجاه الهيئات الرقابية الأجنبية والمصارف المراسلة؟ الأمر الذي قد يؤدي إلى انهيار كامل لاقتصاد الوطن.

قرارات شعبوية
جددت جمعية المصارف التأكيد على احترامها للقضاء وللسلطات النقدية، وأعلنت أن ذلك لا يمنعها من التساؤل حول مغزى بعض القرارات القضائية والإدارية التي تفتقر إلى الحدّ الأدنى من السند القانوني والمصلحة العامة، وقد تنبثق من الشعبوية ومن التوجه لتأجيل المعالجة الصحيحة.

وتساءلت: هل القرارات القضائية، التي تقبل أن يسدد المدين التاجر دينه المحرر بالدولار بالليرة على أساس سعر صرف 1507.5 ليرة للدولار، في وقت أن هذا التاجر يبيع بالعملة الأجنبية أو بالليرة على أساس سعر الصرف الفعلي، تخدم المودعين؟ مضيفة “ألا يعي المودعون أن هذه القرارات التي تخفّض موجودات المصارف تصيب في الوقت نفسه قدرتها على الاستمرار في تلبية حاجاتهم؟”.

القضاء يجمد أصول البنوك
منذ يوم 14 مارس الجاري، أصدر القضاء اللبناني أوامر بتجميد أموال 7 بنوك عودة، وفرانسبنك، وبلوم، وسوسيتيه جنرال، والبحر المتوسط، وبنك بيروت وبنك الاعتماد المصرفي، ومنع ستة من مسؤوليها التنفيذيين من السفر، وذلك على خلفية تحقيقات في معاملات هذه البنوك مع مصرف لبنان المركزي وبناء على دعاوى قضائية من بعض العملاء، وفقًا لـ”الشرق الأوسط“.

وقرّرت النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية، غادة عون، المقربة من تيار الرئيس اللبناني ميشال عون، الخميس 17 مارس 2022، في أحدث تحرك قضائي ضد المصارف، الحجز على عقارات وأصول وحصص تابعة لبنك الاعتماد المصرفي، وقررت توقيف شقيق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، رجا سلامة، بتهمة التواطؤ بجرم الإثراء غير المشروع.

عون متهم باستغلال القضاء
ربطت تقارير إعلامية، خلال الأسبوع الماضي بين رئاسة الجمهورية والإجراءات القضائية ضد المصارف، معتبرةً أن فريق ميشال عون يستغل نفوذه القضائي لملاحقة المصارف وحاكم المصرف المركزي، بهدف تعزيز شعبيته استعدادًا للانتخابات النيابية المقبلة، ووصف الرئيس عون، أمس خلال اجتماع مع وزير الداخلية بسام مولوي، محاولة الرّبط بين رئاسة الجمهورية​ والإجراءات القضائيّة ضد المصارف​ بـ”قمة التّزوير والافتراء”، وفقًا لـ”القوات اللبنانية“.

وأوضح أن كل ما نُشر عن مواجهات بين رئاسة الجمهوريّة ومسؤولين مصرفيّين، هو من نسج الخيال، ويهدف إلى تسييس هذا الملف القضائي الصّرف، واختراع معارك وهميّة وربطها زورًا بالاستحقاق الانتخابي النيابي المرتقب في 15 مايو 2022، وفقًا للوكالة الوطنية للإعلام.

ميقاتي يحاول نزع فتيل الأزمة
أوضح رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، خلال اجتماعه، أمس، مع وزير العدل، هنري خوري، أن الحرص على استقلالية القضاء وعدم التدخل في الشؤون القضائية يوازيه الحرص على استقرار الأوضاع في البلد من النواحي كافةً لا سيما المالية، وأن استخدام الأساليب الشعبوية والبوليسية في مسار التحقيقات أساء إلى القضاء أولاً وإلى النظام المصرفي ككل، وفقًا لـ”النهار” و”الشرق الأوسط“.
وطالب ميقاتي السلطات القضائية المعنية بأخذ المبادرة في تصويب ما يحصل، وفق الأصول، وعقد صباح اليوم السبت جلسة استثنائية لمجلس الوزراء لنزع فتيل الأزمة ما بين القضاء والقطاع المصرفي، ويفترض أن يحضر الجلسة مدعي عام التمييز غسان عويدات للبحث في الإجراءات اللازمة لوقف ملاحقة المصارف.

مخرج للأزمة
أفاد موقع “القوات اللبنانية” بأن المخرج المطروح لنزع فتيل أزمة المصارف، يتمثّل في إطلاق سراح رجا سلامة، وإحالة القاضية غادة عون حاكمَ مصرف لبنان وشقيقه وملف المصارف إلى قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور، بعد الادعاء عليهما، على أن يشرف مدعي عام التمييز على مسار التحقيقات بنفسه، لمنع تسييسها وضمان انتظام عمل المصارف.

ويواجه لبنان، منذ أكثر من عامين، واحدةً من أسوأ الأزمات الاقتصادية على مستوى العالم منذ منتصف القرن الـ19، بحسب تصنيف البنك الدولي، ما أدى إلى فقدان الليرة لأكثر من 90% من قيمتها، وعزوف المغتربين والمواطنين اللبنانيين والمستثمرين الأجانب عن إيداع أموالها لدى البنوك وسط فرض البنوك قيودًا صارمةً على السحب وحظر التحويلات إلى الخارج، وفقا لـ”فرانس برس“.

وحاليًا تواجه البنوك اللبنانية اتهامات بتجاوز هذه القيود لمساعدة النخبة السياسية على ضخ مليارات الدولارات إلى الخارج، وأوضح المحلل الاقتصادي باتريك مارديني، لـ”فرانس برس“، أن النظام المصرفي اللبناني اليوم يتكون من “بنوك زومبي”، لا تقدم قروضًا ولا تستقبل ودائع جديدةً.

اضغط هنا لقراءة المقال على موقع رؤية الاخبارية