المياه الجوفية في العالم العربي… الكنز المهدر

المياه الجوفية

تعتبر المياه الجوفية أو المياه الأرضية المصدر الرئيس المغذي والآمن لحاجات الإنسان والحيوان والنبات نظراً إلى ما تشكله من نسبة مئوية مرتفعة قياساً بمصادر المياه الأخرى، إذ تبلغ نسبة تلك المياه نحو 30 في المئة من مجمل المياه العذبة الصالحة للاستخدامات بحسب دراسات جيولوجية عدة اتفق عليها العلماء وورد ذكرها في دوريات محكمة عدة حول العالم.

وبحسب الرابطة الدولية للمياه فإن تلك النسبة دقيقة، ويضاف إليها نسبة 69 في المئة إضافية من المياه العذبة الصالحة للاستخدام ولكنها محبوسة داخل الأغطية الجليدية القطبية، في حين أن كل ما يمكن استخلاصه من مياه عذبة من مجمل أنهار وبحيرات العالم لا تتخطى نسبته 1 في المئة.

وتعرف المياه الجوفية بأنها النقيضة للمياه السطحية من بحار ومحيطات وبحيرات ومسطحات لا تمثل فيها نسبة العذوبة ما يفي بغرض الاستخدام المأمول، وتلك المياه بخلاف ما هو ظاهر من مسطحات تكون مخزنة في باطن الأرض ضمن أعماق مختلفة يفرضها الحيز الجغرافي المتنوع من الجبال إلى البوادي والصحاري.

وكذلك فإن المياه الجوفية بخلاف المياه السارية في البحار، تجمعت حصيلة أعوام لا حصر لها أحياناً من الأمطار وذوبان الجليد.

أماكن الوجود

عموماً توجد المياه الجوفية في مسام الصخور الرسوبية العميقة قياساً بسطح الأرض الظاهر، بعضها يكون حديث التشكل، والآخر قد يعود إلى آلاف أو ملايين الأعوام. وبمختلف الأحوال فإن كثيراً منها يجد طريقه للعبور إلى سطح التربة عبر عوامل عدة أبرزها التربة المفككة ذات الفراغات الكبيرة، وهو ما يفسر بروز المياه الجوفية في منطقة دون أخرى، تبعاً للتكوينة الجيولوجية التربوية. وقد تخرج تلك المياه على شكل عيون أو آبار أو ينابيع أو شلالات صغيرة، وبمقتضى الأحوال فإن كثيراً منها يسير في مجار تشبه أنهاراً صغرى، والاختلاف يكون في امتداد سيرها وعمقها ومصدر بدايتها ونهاية جريانها.

منذ فجر التاريخ

عرف الإنسان القديم المياه الجوفية منذ آلاف الأعوام من مشرق الأرض إلى مغربها وفق الحضارات التي عاشت على الأرض، وفي مقدمتها الفراعنة والآشوريون والفينيقيون وغيرهم، إلا أنّهم بصورة أو بأخرى لم يحسنوا استخدامها لانعدام سبل المعرفة التقنية–الديناميكية التي تتيح الوصول إليها والاستثمار فيها، إلى أن حصلت طفرة في معرفة الوصول إليها أواخر القرن الـ19 وبداية القرن الـ20 مع تقدم الأدوات الصناعية الحافرة ليصار إلى استخدام المياه في موضعها الصحيح نسبياً، تماشياً مع الاحتياج المطرد لنمو السكان الهائل حول العالم واحتياجهم لمياه نقيّة، وبدأ استغلالها عبر حفر الآبار التي غزت مواطن التحضر.

بطبيعة الحال تختلف أعماق الحفر في الأرض للوصول إلى تلك المياه من بضعة أمتار وحتى مئات الأمتار تبعاً لنوع الاستخدام المراد به من ذلك البئر، مع لحظ ارتفاع كلفة الحفر ما بين بئر عادي بمضخات وآبار ارتوازية لا تحتاج إلى أدوات ضخ.

[…]

الملكية والتنظيم

أما القوانين الموجودة لتنظيم أو منع الأفراد والمنشآت من استغلال المياه الجوفية، يوضح غسان بيضون، خبير في المعهد اللبناني لدراسة السوق والمدير العام السابق لوزارة الطاقة والمياه، في تصريح خاص، أن “الثروة المائية بموجب قانون تنظيم قطاع المياه ورقمه 221/2000، هي ملك الدولة وتقع تحت صلاحية وزارة الطاقة والمياه التي أنشأت أربع مؤسسات عامة للمياه (مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان، مؤسسة مياه البقاع، مؤسسة مياه لبنان الشمالي، ومؤسسة مياه لبنان الجنوبي) وهي مسؤولة عن إدارة كافة الآبار ومصادر المياه ضمن نطاقها الجغرافي”، مشيراً إلى أن “تأسيس المؤسسات العامة للمياه كان هدفه تحسين إدارة واستثمار المياه، لكنها فشلت في تحقيق هذا الهدف، إذ تعاني هذه المؤسسات من نقص في التطوير الإداري والتقني ومن هيكلية غير فعالة”.

ويعتبر بيضون أن “القانون يعاني من انتهاكات مستمرة بسبب عدم قدرة الدولة والمؤسسات على تأمين المياه اللازمة للمواطنين، بما في ذلك مياه الشرب”، لافتاً إلى أن “القانون يفرض شروطاً صارمة لجهة حفر الآبار واستثمار المياه، مثل ضرورة إثبات عدم وجود شبكة مياه صالحة في منطقة الحفر، إلا أن العديد من المواطنين يواجهون صعوبة في الحصول على المياه على رغم وجود الشبكات بسبب سوء الإدارة”.

أما القانون الذي يرعى المياه في لبنان، يلفت الحاج إلى “قانون المياه رقم 77/2018، والذي تم تحديثه بطلب من البنك الدولي تحت رقم 192/2020″، مؤكداً أن “المياه في القانون تُعتبر موارد طبيعية تابعة للدولة اللبنانية ولا يمكن التصرف فيها بأي شكل، بحيث يمكن للأفراد التقدم بطلبات للحصول على إذن لحفر آبار بعد استيفاء الشروط والإجراءات اللازمة وللدولة كامل الحق في أن تستملك أي بئر حفر بشكل قانوني”.

اضغط هنا لقراءة المقال كاملًا على موقع The Independent Arabia