يترقب المدير العام لأحد الفنادق الأجنبية في بيروت نسبة الحجوزات على أبواب موسم السياحة الصيفي في ظل وضع سياسي وأمني مضطرب تشهده البلاد، خصوصًا في المناطق الجنوبية. يلوح بعض التفاؤل في الأفق، لكن يبقى الوضع معلقًا بشكل كبير على ما يجري في الجنوب. يعتبر قطاع الفنادق حساسًا جدًا تجاه هذا الموضوع، لأنه يعتمد بشكل كبير على السياح القادمين من الخارج. يُمنع الأوروبيون بشكل خاص من القدوم إلى لبنان إلا في حالات الضرورة، مما يزيد من صعوبة الوضع.
تواجه الفنادق العالمية العاملة في لبنان تحديات مختلفة تعرقل استفادتها من الموسم السياحي الجديد. ترتفع الضرائب ورسوم الضمان الاجتماعي التي أقرتها الجهات الرسمية، مما يشكل عبئًا إضافيًا على هذه الفنادق. يقارن السياح الأجانب بين الخدمات المتوفرة في لبنان والبلدان الأخرى المنافسة سياحيًا، فيجدون عبئًا كبيرًا وتأخيرًا في إجراءات الترخيص والبناء. يؤثر هذا التأخير سلبًا على جودة الخدمات المقدمة، مما يدفع السياح لاختيار وجهات أخرى.
يعاني لبنان أيضًا من أزمة اقتصادية خانقة منذ سنوات. أفادت “إرنست أند يونغ” في كانون الثاني من هذا العام بأن نسبة الحجوزات في فنادق العاصمة بيروت انخفضت إلى 20% مقارنةً بـ 37% في الفترة نفسها من العام الماضي. يعكس هذا الانخفاض الحاد تراجع ثقة السياح في قدرة لبنان على توفير تجربة سياحية آمنة ومريحة.
يؤكد المراقبون أن خدمتي الكهرباء والمياه كفيلتان بتعزيز صمود القطاع السياحي والفندقي إذا تم تأمينهما للفنادق. تدفع الفنادق في لبنان حاليًا 35% من مداخيلها لهاتين الخدمتين، في حين لا يتجاوز المتوسط العالمي 10%. يشير هذا التباين الكبير إلى الضغط الهائل الذي تواجهه الفنادق اللبنانية مقارنة بنظيراتها العالمية. يرى الخبراء أن تأمين الدولة لهاتين الخدمتين يعزز صمود القطاع السياحي حتى استقراره، ويخفف من الأعباء المالية الملقاة على عاتق الفنادق.
تحاول مختلف المرافق السياحية جاهدةً جذب المزيد من الزبائن. تقدم هذه المرافق عروضًا وخدمات مميزة، كالباقات الشاملة، والرحلات السياحية المخصصة، والتجارب الثقافية الفريدة. تسعى هذه المبادرات إلى إبراز جمال لبنان وثقافته الغنية، على أمل تحفيز السياح على زيارة البلاد رغم التحديات الراهنة.
يواجه القطاع السياحي في لبنان منافسة شرسة من دول الجوار. تقدم هذه الدول، مثل تركيا واليونان ومصر، حزمًا سياحية جذابة بأسعار تنافسية، مستفيدةً من استقرارها السياسي والأمني. يضطر القطاع السياحي اللبناني إلى ابتكار استراتيجيات جديدة للحفاظ على حصته في السوق الإقليمية.
يناشد العاملون في القطاع السياحي في لبنان الحكومة والأطراف السياسية للعمل على إعادة الاستقرار الأمني والسياسي إلى البلاد. يشددون على أهمية تحقيق هذا الاستقرار قبل انقضاء موسم السياحة الصيفي لتفادي خسائر إضافية. يحذرون من أن استمرار الوضع الحالي قد يؤدي إلى انهيار القطاع السياحي، مما سيكون له تداعيات وخيمة على الاقتصاد اللبناني ككل.
يدعو خبراء الاقتصاد إلى تبني رؤية شاملة لإنعاش السياحة في لبنان. يقترحون إصلاحات هيكلية في قطاع الطاقة لضمان إمداد ثابت بالكهرباء والمياه. يطالبون بتبسيط الإجراءات البيروقراطية لتسهيل الاستثمارات في القطاع السياحي. يشجعون على إقامة شراكات بين القطاعين العام والخاص لتطوير البنية التحتية السياحية وترميم المواقع التاريخية.
يتطلع العاملون في القطاع السياحي إلى مستقبل أكثر إشراقًا. يؤمنون بقدرة لبنان على استعادة مكانته كوجهة سياحية رائدة في الشرق الأوسط. يستندون في تفاؤلهم إلى الإرث الثقافي الغني للبلاد، وتنوع مناظرها الطبيعية، وشهرة مطبخها، وحفاوة شعبها. يراهنون على أن تضافر الجهود الوطنية سيمهد الطريق لنهضة سياحية جديدة، تعيد الحياة إلى شوارع بيروت وشواطئها وجبالها.