فبدل أن ينصبّ الدعم على الرغيف العربيّ، الذي يستهلكه المواطن يومياً، بات الدعم موجّهاً بفعل الفساد إلى خبز الصّاج والفرنجي الأغلى ثمناً، جرّاء جشع بعض التجّار، الذين يستخدمون القمح المدعوم في صناعات غذائيّة غير إنتاج الخبز العربيّ لكي يُضاعفوا أرباحهم بطرق غير شرعيّة، فيما وزارة الاقتصاد والتجارة تكتفي بإصدار البيانات، ولا تبادر إلى كشف المتورّطين في جريمة الفساد هذه، في الوقت الذي يجب عليها السعي لمثولهم أمام القضاء، وإن كانوا من جماعات الأحزاب المسيطرة في المناطق.
وممّا يؤسف له في لبنان اليوم، وفي عزّ الأزمة المالية والاقتصادية، أن نرى المشهد عينه في كلّ المناطق، حيث الأفران تبيع كلّ أصناف المخبوزات إلّا الخبز العربي في مشهد معيب يظهر كمّية الفساد ولامبالاة السلطة اللبنانية تُجاه الأرباح غير الشرعيّة، التي يشترك في تحقيقها بعض أفرادها.
وضمن هذا السياق، لفت مراسل “النهار” في الشمال إلى أنّ “العديد من أفران الشمال أقفلت أبوابها لعدم توافر مادة لطحين لديها”، فيما أشار إلى أنّ “زحمة الطوابير انتقلت إلى الأفران التي لا تزال تعمل في جبيل والجوار”.
في الأثناء، تشهد الأفران التي فتحت أبوابها في مدينة طرابلس عودة الطوابير، وهي كانت تبيع ربطتي خبز لكلّ مواطن فجراً، لتعود بعد السّادسة لبيع ربطة واحدة مع تزايد أعداد المواطنين أمام الأفران، وفق ما أفاد مراسل “النهار”.
وقال مراسل “النهار” في صيدا أنّ “الأفران شهدت منذ ساعات الصباح وطول ازدحاماً كبيراً لشراء ربطة خبز، وذلك بعد توقف بعض الأفران عن العمل بسبب نفاد مادةالطحين لديها”.
وأشار إلى أنّ “ربطة الخبز بيعت في بعض الأفران بسعر 20 ألف ليرة وما فوق”.
وأمس، روى مصدر رسميّ مسؤول لـ”النهار” أنّ “ثمّة رجلاً ملقّب بـ”أبو كرواسون”، واسمه “ن.س.”. يشتري الطحين المدعوم لصناعة الخبز العربيّ، ويصنع منه “الكرواسون” الذي يبيعه بالجملة بـ18 ألف ليرة و20 ألفاً، فيما سعر قطعة “الكراوسون” يبلغ 22 ألف ليرة، ثمّ يستتر بالطائفيّة والمناكفات السياسيّة ليغطّي “جريمته”.
وقد أكّد المصدر المسؤول أنّ “كميات القمح تكفي لـ35 يوماً”، مشدّداً في الوقت عينه على أنّ “المطاحن تسلّم الطحين بشكل اعتياديّ إلى الأفران”.