المركزي اللبناني يبدأ العمل بآلية جديدة لتحرير الليرة من قبضة تجار السوق السوداء

المركزي اللبناني يبدأ العمل بآلية جديدة لتحرير الليرة من قبضة تجار السوق السوداء

بيروت – بدأ مصرف لبنان المركزي العمل رسميا على منصة “صيرفة” لتبادل العملات التي يرى خبراء أنها تهدف إلى تحرير الليرة الخاضعة لسيطرة السوق السوداء، في وقت يعاني البلد أزمة مالية واقتصادية متصاعدة، سببها هبوط قيمة العملة الوطنية قرب أدنى مستوياتها مقابل الدولار.

والأسبوع الماضي أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن “المشاركين الراغبين بتسجيل جميع طلبات الحصول على النقد الأجنبي على المنصة، عليهم تعبئة بياناتهم اعتبارا من 21 مايو الحالي وحتى 25 مايو، وتسديد المبلغ المطلوب فورا بالعملة المحلية”.

وتمت تسوية العمليات المسجلة الخميس والحصول على ما يقابلها بالدولار الأميركي، وفق العرض والطلب على النقد الأجنبي ضمن آلية حساب معينة.

وبلغ سعر صرف الدولار في أول أيام التسوية في السوق الموازية 13 ألف ليرة لكل دولار، مقارنة مع 12.9 ألفا في تعاملات الأربعاء، بينما بلغ سعر الصرف ضمن المنصة الجديدة 12 ألفا، ومستقرا وفق سعر البنك المركزي عند 1510.

ويأمل اللبنانيون من خلال الإدارة الجديدة لأسعار الصرف والتداول، في إعادة حركة الدولار إلى القنوات الرسمية وتقويض السوق الموازية تدريجيا.

ويقول الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة إن الآليّة الجديدة لأسعار الصرف التي عمّمها مصرف لبنان، “هدفها بالدرجة الأولى سحب الليرة من قبضة العصابات التي تسيطر عليها في السوق السوداء”.

وأوضح الخبير الاقتصادي أن “في السوق السوداء سعر صرف الليرة حرّ وعلى هذه المنصة سيبقى سعر الصرف حرا أيضا، لكن الفرق بينهما أن هناك مراقبة للعمليات ومعرفة توجه الدولار، إن كان للمضاربات أو التهريب أو التجارة”.

وقال إنه “بعملية المراقبة التي فرضها مصرف لبنان اختفى عنصر المضاربة، ولن تكون هناك تقلبات حادة في سعر صرف الدولار مقابل الليرة”.

لكن المنصة لن تمنع من ارتفاع الدولار في السوق الموازية، خصوصا وأن ارتفاعه مرتبط بسعر هيكلي متعلق بنقص وفرة الدولار داخل الأسواق المحلية، وأقل بكثير من حاجة السوق، بحسب الخبير الاقتصادي.

أما لجهة ضبط تقلّبات سعر صرف الدولار، فقال “لن تستطيع الآلية هذه ضبط الدولار بأسعار متدنية إلا من خلال مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وإدخال الدولارات إلى الاقتصاد المحلي”.

وإن كانت هذه الآلية ستطيح بالسوق السوداء، لفت عجاقة إلى أن “السعر على المنصة حر ولكنه شفاف ويخضع للرقابة.. عمليا هذه الآلية ستضعف السوق السوداء، ولن يبقى عليها إلا المخالفون ومبيّضو الأموال والمهربون”.

ويظلّ “نجاح المنصة مرهونا بعمل الأجهزة الأمنية ووزارة الاقتصاد ووزارة المالية والجمارك، لمنع التهريب ومكافحة السوق السوداء. وهذه الخطوات خطوات أساسية لنجاحها”.

وكانت الليرة اللبنانية سجلت أدنى سعر تاريخي لها، بقيمة 15 ألفا مقابلة الدولار خلال وقت سابق من العام الجاري.

وتأتي هذه التحركات بعد إعلان المركزي في وقت سابق من الشهر الجاري عن آلية مشروطة لصرف أموال المودعين، الذين جُمدت حساباتهم منذ 2019.

وذكر البنك حينها أنه يجري محادثات مع بنوك محلية لوضع نظام يمكّن المودعين من صرف 25 ألف دولار من أموالهم على دفعات.

وأوضح أنه “سيتم تقسيط هذه المبالغ على فترة زمنية يحدّدها مصرف لبنان قريبا. ومن المتوقع أن يبدأ الدفع اعتبارا من 30 يونيو 2021 شرط الحصول على التغطية القانونية”.

والبنوك اللبنانية في ما مضى من أكثر بنوك العالم ربحا وكانت تتولى تحويل الأموال من اللبنانيين في المهجر إلى خزائن الدولة مقابل أسعار فائدة عالية، غير أنه مع اشتداد الانهيار الاقتصادي في لبنان ونضوب التحويلات الدولارية من الخارج بدأت السيولة تنفد في النظام المالي.

وجمدت المصارف اللبنانية، مع بداية الأزمة المالية أواخر 2019، وصول العملاء إلى ودائعهم ومنعتهم من تحويل الأموال إلى الخارج، في محاولة لإدارة السيولة بالنقد الأجنبي الشحيح على وجه الخصوص.

وأكد الخبير الاقتصادي باتريك مارديني أن “الهدف من المنصة تنظيم العرض والطلب على الدولار لحصره في مكان واحد على المنصة، فأي فرد يود شراء الدولار تتم العملية عبر هذه المنصة وأي فرد يود بيع الدولار تتمّ أيضا العملية عبرها”.

وأشار مارديني إلى أن “المنصة ليست لخفض سعر صرف الدولار رغم أنه عند إطلاقها تم بث أجواء تفاؤلية، تقول إنها ستعطي القيمة الحقيقية لليرة وللدولار.. بكل بساطة هدف المنصة هو إعادة الصرف إلى السوق الرسمية”.

والثلاثاء أكّدت وكالة ستاندرد آند بورز جلوبال للتصنيفات الائتمانية، أنّ بنوك لبنان قد تواجه صعوبة الحفاظ على عملياتها مع استمرار سحب الودائع، وقطع البنوك المراسلة الأجنبية للعلاقات، واستمرار الأزمة الاقتصادية بالبلاد.

وفي أبريل 2020 طرح لبنان خطة إعادة هيكلة، لكن لم يتم تنفيذها بسبب الخلافات السياسية، ما ترك الأسواق في حالة من عدم اليقين بشأن التكلفة المحتملة للأزمة المالية في البلاد.

اضغط هنا لقراءة المقال على موقع العرب